الخيمة

اللوحة للفنان محسن شعلان

بعد أن أنهكه التجوال في المولد، وبعد أن فشل في الوصول إلى مقام السيدة زينب وجد نفسه يجلس على مقربة من إحدى خيام الخدمة التي تقدم الشاي والطعام لرواد المولد، كان الرجل الجالس أمام موقد البوتاجاز متوليا مسئولية تقديم واجب الضيافة للرواد، يجلس وحيدا مبتسمًا، التقت عيناهما فدعاه للدخول. دخل وجلس صامتًا يشرب الشاي، قال له رجل الخدمة: “تعرف ابن عطاء الله قال أيه؟” هز الضيف رأسه نفيًا، فقال رجل الخدمة: “ربما أعطاك فمنعك وربما منعك فأعطاك”. لم يفهم الضيف، فقال الرجل: “ربما أعطاك الصحة الوافرة فاستخدمتها في المعصية فمنعك عن طاعته، وربما جعل صحتك على القد فوقاك شر نفسك التي قد تحدثك بالانفلات”. قال الضيف: فلتكن الصحة وليكن ستر الله إذا استخدمتها في المعصية”. قال رجل الخدمة: “من يعرفون الله يا بني لا يطلبون منه أنه يسترهم في المعاصي، ولكنهم يطلبون منه أن يسترهم عن المعاصي”. قال الضيف: “لعلك رجل زاهد”. فقال رجل الخدمة وهل تعرف ما الزهد ؟”. قال الضيف: “إذا منحني الله شكرت وإذا منع عني صبرت”. قال له رجل الخدمة: “سأقول لك قول الأكابر ما تقوله هو حال البهائم الزهد يا بني أن يمنع عنك الله فتشكر، ويمنحك الله فتؤثر الآخرين على نفسك في هذه النعمة”. .. قال الضيف: “لعلك شيخ من الأولياء”، قال رجل الخدمة مندهشا: “سيدي المرسي أبو العباس يقول: إن معرفة الشيخ أصعب من معرفة الله، فلا تتسرع أبدا في تنصيب أحد شيخًا أو وليا”. قال الضيف: “ولكنك في حال من الصفاء، فماذا فعلت حتى وصلت إليه؟”. قال رجل الخدمة: “لا أعرف”. قال الضيف “لعل شكرك الله لا ينقطع”، قال رجل الخدمة: “يقول الجنيد الشكر ألا يعصى الله بنعمة”. قال الضيف: “ألا تشعر بالحزن أبدًا؟”. قال رجل الخدمة: “أتبع قاعدة قديمة تقول: ليقل ما تفرح به يقل ما تحزن عليه”. قال الضيف: “أنت تعيش خارج العالم وتصبر نفسك بكلمات متقشفة، الدنيا مليئة بالمتع لكنك تخاف أن تقترب منها ، ابتسم رجل الخدمة قائلاً: أقول لك ما رد به من هم في مثل حالي على هذا الاتهام.. والله نحن في لذة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف”. قال الضيف وهو يشيح وجهه بعيدًا:” مجذوب “، أعاد رجل الخدمة ملء الكوب للضيف وهو يقول:” من ذاق عرف يابني.. من ذاق عرف”.

……………………………

من كتاب طريق التوابل

اقرأ أيضًا:

تالة..قصة لـ جمال فتحي

ضل الحيطة..قصة لـ تغريد النجار

الصدى..قصة لـ صفاء النجار

ناقص واحد.. قصيدة لـ مايكل عادل

مقهى لا يعرفه أحد..قصيدة لـ زيزي شوشة

ماء البارحة..قصائد لـ مروان علي

حفرة للعب..قصيدة لـ مها شهاب الدين

سحر الغواية..قصيدة لـ رحاب زيد

مندرة العائلة..قصائد لـ فتحي عبدالسميع

أغلقي الباب ونامي..قصيدة لـ كمال عبدالحميد

مختارات من قصائد قاطع طريق.. لـ سيد العديسى

بوح الصباح..قصة لـ إيمان سند

ثلاث قصائد فرّت من الحرب..قصائد لـ حسونة فتحي

ما لم يذكره الرسام عن قصائد عزة حسين