منذ أيام شاهدت مسرحية عريس البحر وكان المبهر فيها بالنسبة لى هو كيفية تحويل موال شعبي “مسعود و وجيدة” لعمل مسرحي متناغم في كل شيء ، بداية من الممثلين (سارة حامد، محمد عطية، محمد مجيد، سما حسن، شريف غانم)،وحتى المعالجة التى قدمها الدراماتورجى محمد عادل،وديكور د.حمدى عطية،وأزياء أميرة صابر،وموسيقى محمد الصاوى ،واستعراضات الفنانة شيرين حجازى،والإخراج الذى جمع كل هذه العناصر للفنان (وليد طلعت)،ف منذ أن دخلت العرض الذى بدأ بمشهد صامت حزين وأنا أتفرس جيدا في وجوه الأبطال لأري هذه التعبيرات المذهلة عن حالة الألم، هؤلاء فنانين بحق كانوا مبدعين بلا استثناء من حيث الآداء العالي و الحس الكوميدي الجميل من غير مبالغة أو أفتعال ،كل ذلك كان مبهراً خاصة وأن كل الواقفين والواقفات على خشبة المسرح شباب لم يحقق الشهرة بعد،لكن حضورهم يفوق آداء المحترفين،هناك جاذبية خاصة،ظهرت بشكل كبير فى المشهد الإستعراضي الراقص في الملهي الليلي ،فقد كان مبهجا و ممتعا لم يكن مجرد مشهد استعراضي قد يمر مرور الكرام أو يمكن أن تحسبه زائد عن الحاجة، لكن الإيقاعات متناغمة لدرجة أن الحس المبهج للراقصات يصل للجمهور الجالس وترتسم علي الشفاه ابتسامات جذلة من فرط الجمال و التفاعل،أيضا الإضاءة التى قدمها (أبانوب فيكتور) كانت مبهرة من حيث التعامل مع مسألة الخير و الشر ،فليس هناك خير مطلق و لا شر مطلق وهذا ما نقلته الإضاءة فى تنقلاتها وتوقيتات حركتها على وجه الممثلين،مع لمسة من القصص الديني في قابيل و هابيل،وسيدنا موسى ،و يضاف أيضا تكنيك
Slow motion
بالتبادل مع المشاهد الحية بين الأبطال و التي تم استخدامها باحترافية و تمكن عال،ومن هنا يطرح هذا العرض بتكاليف انتاجه المتواضعة عدة أسئلة عن المسرح وأسباب غيابه وعدم الترويج له ولعروضه؟
لماذا تأخذ الأعمال الدرامية والتليفزيونية كل هذا الاهتمام من الصحف والمجلات الفنية؟،لماذا لا يتم الترويج والتسويق من مؤسسات الدولة لتوسيع قاعدة جماهيرية أكبر لفن المسرح الذى يفرخ لنا كل هذه المواهب؟ إنها أسئلة كثيرة لا نجد لها إجابات وفى النهاية نسأل عن سر أزمة المسرح!!،فمنذ سنوات مضت و أصبحت هناك إشكالية كبيرة وهى أن مصر لم يعد بها فنانين و مبدعين و أصبح المتاح من أصحاب المواهب المحدودة هي التي تسيطر تُفتح لها الاذرع و تمتد لها الأيادي تحت دعاوى تزعم أن الجمهور عايز كدة ، ذلك الجمهور الذي طالما كان الحائط المائل لأي مبرر فج علي الرغم انه لا زال متذوقا بارعا للفنون بانواعها،والمسرح هو أكثر الفنون قربا للجماهير فأنت أمام عرض مباشر يحدد لك حجم موهبة الممثل ،وكثيرا ما نكتشف أن وجها من الوجوه الجديدة التى تلمع فى الدراما كان ابنا شرعيا للمسرح،وهناك مئات النماذج التى ظهرت خلال السنوات الماضية،فهل حان وقت الاهتمام بالمسرح أبو الفنون؟ هل حان وقت الالتفات إلى المواهب الصغيرة التى تملأ مسارح مصر ..تلك المواهب الكبيرة التى تحلم كل صباح بشمس النهار .