اللوحة للفنان محسن شعلان
عُمر
لن تصدقوني
إذا ما حدثتكم عن الرغبة
والشهوة والشبق والقدرة والطاقة
فأنا رجل مسنّ
تجاوزت الستين وفق السنوات الميلادية
وأكثر منها وفق التقويم الهجري
لي عُمران كما ترون
لكني عشتُ واحدًا منهما فقط
في سنواتي الأولى؛
كنتُ رجلاً صغيرًا
أُتقن عملي
وأستمع النصائح والآراء
ثم أخالفها جميعًا
مرت سنوات طوال
تفوقت خلالها كثيرًا
في تحقيق الخسارات،
وتغيير المسارات
دون أن ألتفت
وها قد صرتُ طفلاً كبيرًا
فلا تنزعجي؛
من حركاتي الصبيانية حين نمزح معًا
ولا تغضبي؛
حين يشتكي النسوة من شقاوتي
ما تبقى من العمر
يكفي للكثير
كأن نتبادل قبلةً طويلةً
في مكان عام
سيفرحُ كثيرون
وسيغضب كثيرون أيضًا
فقليلون جدًا
الذين يعرفون أن القُبلةٍ
فن من أصعب الفنون.
(2)
كَفٌّ
هاتِ يدَكِ.. سأقرأُ لكِ الكفَّ
كنتُ أفعلُها ادّعاءً أيامَ الجامعةِ
لكنّي الآن أعرفُ دون ادعاء
انظري؛ هذا خط العمر
أتَرَينَ كم هو ممتدٌ وطويل!
يلتفُّ منحنيًا حولَ باطنِ الإبهام
بما يشبه انحناءَ ظهرِكِ؛
بعد عمر طويلٍ
فلا تنزعجي من هذه القذائفِ التي تتسّاقطُ حولنا
أما هذا الذي يَشْقُّ الكَفَّ نصفَينِ؛
كما يشقُّ غيابُكِ
روحي فهو خط
القلب
وهذه الخطوطُ الصَّغيرة
التي تَحُفُّهُ هم أحفادُكِ
قِطَعٌ صغيرةٌ من قلبِك النَّدِيّ،
هنا؛ عند منبت السَّبّابة
سيبتعدون قليلًا
يتضاحكون ويتآمرون عليكِ
حين تسبّينَهم وتطردينهم بعيدًا
لا تقولي لن أفعل، ستفعلين؛
وستُمسكين، بأصابعك النحيلة مجعدة الجلد
عصاً صغيرةً تدسّينها عادةً خلف مسند ظهرك
لن تُخيفَهم أبدًا، فهي لم تؤذِهم قطُّ
سأقول لكِ سرًّا؛ سأكونُ من المتآمرين معهم
نصفّقُ ونهلل، ونغنى لكِ أغنيةً
نكون قد وضَعنا كلماتها معًا هم.. وأنا
ونتخذ لها لحنًا يناسب اهتزازَ رأسِ الصغيرِ
ذي الرأسِ الكبيرةِ والرأي العنيدِ والدلالِ المفرط
دعيني، الآن، أقبّلهم جميعًافي كف يدك.
(3)
قراءةٌ
سنجلسُ الليلةَ صامتَيْنِ
أقرَأُ أفكارَكِ من نظرةِ عينيكِ
لَعِبْنا هذه اللُعبةَ كثيرًا
لكني كنت أفشلُ دائمًا
فأول ما أقرأ في عينيك “أحبّكَ”
لأكسِرَ الصمتَ والقراءةَ بالقبلاتِ،
ربما أنجحُ الليلة؛
ففي بلادِ الحربِ
لا تُظهرُ العيونُ في الليلِ سوى حزنَ النهارِ
وأنا؛ تدربتُ كثيرًا
على قراءةِ الحزنِ في عَيْنَيْ أمي
فقد كانتِ البلادُ أيضًا ديارَ حربٍ،
لنمارسَ لعبتَنا إذن
أصمُتُ .. وتصمُتينَ
دون أن أُصَرِّحَ بما أعلمُ فنَهلَك
أو بما تحمله أفكاركِ
فيحترقُ وجهَ البلاد
اقرأ أيضًا:
ضل الحيطة..قصة لـ تغريد النجار
ناقص واحد.. قصيدة لـ مايكل عادل
مقهى لا يعرفه أحد..قصيدة لـ زيزي شوشة
ماء البارحة..قصائد لـ مروان علي
حفرة للعب..قصيدة لـ مها شهاب الدين
سحر الغواية..قصيدة لـ رحاب زيد
مندرة العائلة..قصائد لـ فتحي عبدالسميع
أغلقي الباب ونامي..قصيدة لـ كمال عبدالحميد
مختارات من قصائد قاطع طريق.. لـ سيد العديسى
ما لم يذكره الرسام عن قصائد عزة حسين