( ..وبأموال التبرعات بدأ المشروع بشراء فيلا ” الأرقم ” كحضانة وابتدائى ، ثم”الأندلس” ابتدائى وإعدادى وثانوى بنات،و”حراء” ابتدائى وإعداى وثانوى بنين. .وأضفنا الى المناهج المعتادة منهجين الأول خاص بالتريبة الإسلامية والثانى باللغة الإنجليزية”،وانتشرت الفكرة فى باقى المحافظات لتؤسس نظام ” العائلات الإخوانية ” وتراجعت الجماعة الإسلامية كما انسحبت الأرض تماماً من تحت أقدام وزارة التعليم التى افتقدت الكثير من مزايا مدارس “الجماعة)
وهذه مقتطفات قصيرة جدا من مذكرات محمد حبيب ،وبصرف النظر عن الموقف الحالى للدكتور حبيب الذى لا أعرف معلومات كافية عنه،فإن هذا الرجل يحمل أسرار أخطر مؤسسة إخوانية فى مصر،وهى (مدارس الإخوان) التى ستظل بذرة ينمو ويترعرع فى رحابها تلاميذ صغار يتعلمون فيها أن كل ما هو خارج أسوارها باطل،وأن “الجماعة “وقادتها ورجالها هم حماة الإسلام الذين يتصدون لمجتمع “كافر” يطارد المسلمين!وتحت هذا المعنى ستصعد أجيال للجامعات والمعاهد!
وإذا كانت المعلومات المتاحة عن تلك “المدارس” قليلة للغاية نظراً للسرية التى تحيط بنظامها التعليمى ،وإذا كان حصرها يبدو صعباً رغم مرور أكثر من سبع سنوات على مصادرة بعضها وتغيير مجالس إدارة البعض الآخر،،وإذا كانت السيطرة عليها تبدو مستحيلة ،فإن مؤسسها وصانعها وصاحب فكرة زراعتها فى صعيد مصر مازال موجوداً ويمكنه أن يتحدث ، لكن يبدو أن أحداً لم يسأله(!).
أحدثكم عن الدكتور محمد حبيب وعن كتابه “ ذكريات عن الحياة والدعوة والسياسة والفكر” الصادر عن دار الشروق والذى تحدث فيه عن التأسيس الثانى لجماعة الإخوان المسلمين والذى بدأ منذ 1983 وكان “بناء المدارس الخاصة ” فى مجافظات الصعيد ركيزة أساسية لانتشار الجماعة وزراعة خلاياها .
……….
عقب اعتقالات سبتمبر 1981 انتهز” الإخوان” فرصة انقلاب الدولة على الجماعات التكفيرية وطرحوا انفسهم كبديل معتدل أمام همجية وعنف الأصوليين ،وبدأ مرشدهم ” التلمسانى ” فى التخطيط مع قيادات الجيل الأول فى اختيار كوادر جديدة لتلك المرحلة المهمة ، يقول الدكتور حبيب : (فى عام 1983 زارنى فى أسيوط الأخ الدكتور السيد عبد الستار وقال لى إن الإخوان قرروا استئناف العمل، وإنه مكلف من قِبلهم بإبلاغى بذلك”.
ويحكى”د. حبيب” إنه التقى فى القاهرة بعض الإخوان ممن وقَع عليهم الاختيار كممثلين عن القطاعات المختلفة،وهم”د.عبد المنعم أبو الفتوح،وممدوح الديرى – رحمه الله- وإبراهيم الزعفرانى، والسيد عبد الستار وآخرون ،كما تم إنشاء مكتب تنفيذى فى مصر برئاسة الدكتور أحمد الملط -رحمه الله- وعضوية :”جابر رزق، وممدوح الديرى -رحمهما الله- وعبد المنعم أبو الفتوح، ومحمد حبيب، وآخرون” ،وتم تكليف القيادات الجديدة بمهامها .
…………….
تولى الدكتور محمد حبيب مسؤولية الإخوان فى الصعيد وكان عليه ـ كما يقول ـ أن يجوب محافظات: بنى سويف، والفيوم، والمنيا، وأسيوط، وسوهاج، وقنا، وأسوان، وأن يلتقى الإخوان على مستوى القيادات الوسيطة وأفراد الصف.. وأن يعطى التعليمات والتوجيهات الصادرة من المكتب التنفيذى فى كل المجالات التربوية والدعوية فضلا عن إلقاء المحاضرات العامة فى المساجد والجامعات وقد تطلب العمل جهدا كبيرا ووقتا وحركة دؤوبة وأسأل الله تعالى أن يتقبل”.
ربما تكون تلك الفقرة اختصاراً لرحلة كفاح وعرق فى بناء هذا الكيان داخل الدولة المصرية ، فهؤلاء الذين أقسموا بالولاء للدكتور حبيب الذى أقسم بدوره لمرشد الجماعة “عمر التلمسانى” هم الذين خرجوا علينا بالسيوف والخناجر والبنادق دفاعاً عن”دولتهم “ورئيسهم ” المعزول” ،أقول ـ ربما ـ لأن الدكتور حبيب كتب اعترافات أشد خطورة من كل ذلك ،فلم تتوقف جهوده العظيمة فى تأسيس التنظيم عند هذا الحد، بل امتد الخيال إلى حد التفكير فى بناء “مدارس خاصة” تجمع أولاد المسلمين وتعمل على تنشئتهم نشاة صحيحية ـ كما يقول الدكتور محمد حبيب ـ ، وبالفعل تم تأسيس جمعية تابعة لوزارة الشئون الاجتماعية لهذا الشأن ،وبأموال التبرعات بدأ المشروع بشراء فيلا ” الأرقم ” كحضانة وابتدائى ، ثم ” الأندلس” ابتدائى وإعدادى وثانوى بنات ،و”حراء” ابتدائى وإعداى وثانوى بنين.
ويختتم المؤلف تلك الجهود بقوله :” وأضفنا الى المناهج المعتادة منهجين الأول خاص بالتريبة الإسلامية والثانى باللغة الإنجليزية”. وانتشرت الفكرة فى باقى المحافظات لتؤسس نظام ” العائلات الإخوانية ” وتراجعت الجماعة الإسلامية كما انسحبت الأرض تماماً من تحت أقدام وزارة التعليم التى افتقدت الكثير من مزايا مدارس “الجماعة”
…….
لا يهمنى إلى أى معسكر ينتمى الدكتور حبيب بعد ثورة يونيو،بقدر ما يهمنى معرفة ” المعلومات”وإدراك الدور الذى كان يلعبه كل قادة التنظيم فى مصر منذ الثمانينات وحتى اليوم ، فالخلايا التى نتحدث عنها ليل نهار ” تنام” هنا، بين سطور القيادات وفى مذكراتهم، لا يهمنى انقلاب الدكتور حبيب على التنظيم أو كتابته مقالات عن خطاياهم وأخطائهم،لكن الأهم بالنسبة لى المعلومات الواردة فى كتابه الذى صدر قبل ثورة يناير وحمل كل هذا الكم الهائل من المعلومات الخطيرة عن “مدارس الإخوان” وعن حرب الإخوان والجماعات الإسلامية فى المساجد،فعندما سمح السادات للإخوان بالحركة،كانت الجماعات الإسلامية تسيطر سيطرة كاملة منذ انطلاقها من الجامعات فى عام 1979 وامتد نشاطها إلى مسجد “الجمعية الشرعية” وأصبح لها نشاطها الكبير واكتسبت وجوداً خاصا بمساندة عدد من كبار المشايخ ،فقد كان يأتى إليهم الشيخ “صلاح ابو اسماعيل رحمه الله من القاهرة ،والشيخ المحلاوى من الإسكندرية ،والشيخ حافظ سلامة من السويس ،حتى جاء الشيخ عمر عبد الرحمن وصار”عمدتهم”حسب وصف الدكتور حبيب الذى يروى كيف سعى للحوار معهم حول تشدّدهم وتعصبهم فى أمور كثيرة مثل موقفهم من الموسيقى والغناء وغيرها، وكيف إنهم كانوا يعيبون على الإخوان عدم إطلاق اللحية والتساهل فى قضية ” الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر!. ”
ويبدو أن الحوار لم يلق استجابة فقرر ” محمد حبيب” أن يبدأ العمل على إحلال منهج الإخوان السلمى ( كنا نستشعر خطر منهجهم وحركتهم على الدعوة ولذا فكرنا فى البديل الذى يحتوى الشباب ويقدم لهم الفهم الصحيح .. اتخذنا من مسجد ” أبو الجود ” بوسط البلد مكاناً للدعوة ، و كان لنا بعض المساجد الصغيرة فى الوليدية وديروط والقوصية “.
وبالفعل تغيرت الخريطة وسيطّر الإخوان بفكر معتدل جعل المؤلف يصل إلى القول بأن الجماعة الإسلامية لا تتواجد إلا فى حالة غياب الإخوان أو لضعف نشاطهم،ولكن كل ذلك لم يمنع الخلاف الذى كان كفيلاً بانفجار معارك لا تنتهى بين الطرفين : ” .. كانت صلاة العيدين فى الخلاء هى أحد ميادين التنافس بين الإخوان والجماعة الإسلامية ،فى المرة الأولى أقمنا الصلاة فى استاد الجامعة وفى عيد الفطر التالى نازعتنا الجماعة فى نفس المكان فتركناه لها حتى لا نسبب كدرا لشعب أسيوط”.
…………………………..
ولا أظن الدكتور حبيب قد يبخل بما لديه عن تلك المدارس التى نجهل الكثير عنها وعن مناهجها وتعاليمها ، ويكذب من يقول أن هذه المدارس توقفت عن العمل أو أصبحت تحت سيطرة وزارة التربية والتعليم أو أن هناك حصراً كاملاً لمراحلها التعليمية من الحضانات وحتى الثانوية، وأظن أن ما تعرض له الدكتور حبيب من أذى الإخوان عام 2009 جدير بأن يجعله الأكثر معرفة بمكرهم وغدرهم ، فبعد أن صنع لهم أمبراطوريتهم فى الصعيد واستحق الجلوس على عرش المرشد ، أطاحوا به وتنكروا له وأخرجوه من دولتهم حزيناً مقهورا ، ففى ديسمبر 2009 ومع إجراء انتخاب المرشد الثامن أثير لغط حول وجود تزوير بالانتخابات ومخالفات للوائح والقوانين ،ولم تنجح كل محاولات مكتب الإرشاد فى اخفاء ما جرى عن وسائل الإعلام وكتب ” عصام العريان ” مقالاً لتوضيح الموقف قال فى فقرة دالة منه : “كان من المقرر لائحياً أن يرحل المرشد فى هدوء، ويترك موقعه للنائب الأول د. محمد حبيب حتى يحلّ موعد الانتخابات القادم بعد ستة أشهر فى2010، ولكن كان من الواضح أن غالبية المكتب القديم لا تتوافق مع النائب الأول فى كثير من الملفات، وفى طريقة إدارة العمل”.
…….
محمد حبيب
ـ مواليد دمياط
9/3/1943
ـ أستاذ متفرغ بقسم الجيولوجيا– كلية العلوم- جامعة أسيوط- مصرـ
ـ تخرج فى كلية العلوم جامعة أسيوط بامتياز مع مرتبة الشرف عام 1964، وعُين مُعيدًا بقسم الجيولوجيا بالكلية نفسها فى 5/9/1964 .
حصل على الماجستير عام 1968، والدكتوراه فى فلسفة العلوم (جيولوجيا) من جامعة أسيوط عام 1972 ، ثم عُيِّن مدرسًا بالكلية نفسها في العام ذاته
ـ سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1978 ، حيث درس علم (الاستشعار عن بُعد) وتطبيقاته، خاصةً فى مجال الثروة المعدنية
ـ حصل على درجة أستاذ مساعد عام 1979 ، ثم درجة أستاذ عام 1988
مرشدو جماعة الإخوان المسلمين
حسن البنا: المرشد الأول ومؤسس الجماعة (1928 – 1949)
حسن الهضيبى: المرشد الثانى (1949 – 1973)
عمر التلمسانى: المرشد الثالث (1973 – 1986)
محمد حامد أبو النصر: المرشد الرابع (1986 – 1996)
مصطفى مشهور: المرشد الخامس (1996 – 2002)
محمد المأمون الهضيبى: المرشد السادس (2002 – 2004)
محمد مهدي عاكف:المرشد السابع (2004 – 16 يناير 2010)
). محمد بديع: المرشد الثامن (16 يناير 2010