كيف تحول الاسلام من دين سماوي إلى بوتيك ملابس للمحجبات؟!
قبل أن اجيب على هذا التساؤل الشائك دعني أخبرك بكل صدق أنني لست مهتما ابدا بتغيير قناعاتك الشخصية، كمان أنني لا أهتم أيضا بإثبات وجهة نظري فلا تشهر سيفك في وجهي ولا ترسل لي قبلة عبر الهواء۔
لنبدأ من مرحلة مابعد الدولة الأموية وتحت ظل الحكم العباسي فقد طرح تريند سخيف وليس له أي قيمة بعنوان”القرآن مخلوق أم منزل؟!
كانت الدولة العباسية حينئذ مشهورة بالترف والسخاء فقط بين النخبة من رجال السياسة والأدباء ورجال الدين والأعمال
والشعب كان بياكل بعضه عادي ويعانى معاناة الكلاب في أحياء القاهرة الجديدة!!،والغريب والمدهش أن الإمام أحمد بن حنبل كان قد شارك في هذه المهزلة حتى أنه جلد وسجن فقط من أجل إثبات حجته، بس حظه كان أحسن من غيره،في ناس تانية اتقطعت رقابهم على الملأ،ونكل بيهم عادي، مع انه موضوع تافه وفعليا ملوش قيمة ولم يضف شيئا لا للدين ولا للناس ولكنها السياسة يا صديقي۔۔ فعندما أنزل الله الإسلام على محمد أخبره صراحة أن وظيفتك تبيلغ الناس أنه لا أله ألا الله۔۔ الإيمان بالله هو السبب الحقيقي لكى لا يكون للناس حجة بأن الله لم يخبرهم،أو يعرفهم بنفسه شفهيا ومعنويا وماديا وكليا۔۔ ولايخفى على أحد أن العرب حينئذ كانوا قوما جاهليين وثنيين طبقيين قساة ظالمين معدومي الاخلاق إلا قليلا منهم، فلقد تفشى الجهل فيهم حتى انه لم يكن لهم علم مكتوق بل ويعتمدون على الروايات الشفهية والاساطير، وقساة لدرجة جعلتهم يدفنون الإناث أحياء۔۔ لعلك تسأل نفسك الان عن ماعلاقة عنوان المقال بماذكرته حتى الآن اقول لك أنني لست بصدد اثبات فرضية الحجاب من عدمه ولكن ما أؤمن به هو انتفاء الحكم ولو أنك مازلت مصرا على الدخول في صلب العنوان، فدعنا ندخل سويا لنرى أن حكم فرضية الحجاب أصلا جاء استناداَ الى آيتين الأولى انزلت في السنة الثانية أو الثالثة من الهجرة في قوله تعالى ” وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ” واقرأ معي الاية بعقلك وقلبك ونضجك ولا تدعني افسر لك ولا غيري هنا سنجد أن الآية جاءت بوضع إطار شامل يهدف إلى الستر والعفة وأن لا يظهر من زينتهن أكثر مما هو متعارف عليه بين الحرائر و القبائل والعائلات المحافظة ولعلك تعلم أو ضيفها الى قاموسك أن بعض الإماء في هذه الحقبة كن يكشفن صدورهن ويمشين في الأسواق بملابس كثة ورثة غير مهندمة لا من حيث الذوق ولا التصميم فهي في النهاية أمة ،ولعلك إن نظرت وتمحصت وتفحصت صور العاملات والخادمات وأصحاب المهن البسيطة في الأحياء الفقيرة والقرى خاصة في مواسم الزراعة والصيد لعلمت ما أقصده تماما۔۔ “وليضربن بخمرهن إلى جيوبهن” أي يغطين منطقة الصدر،وهذا لأن مكان الجيب عند الصدر تماما بالرجوع الى لباس أهل الجزيرة العربية حينئذ ، وهنا تأتينا الآية الثانية أكثر وضوحا،و ثابتة في دلالتها والتي أنزلت في العام الخامس من الهجرة في قوله تعالى ”
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وكان الله غفورا رحيما” ولعلك إن توقفت دقيقة واحدة لعلمت ان الهدف من الآية يبدأ عند قوله تعالى “ذلك أدنى “ويعد هذا أمرا بالتكيف مع الأعراف والتقاليد وعدم التمييز للمرأة المؤمنة وعدم الخروج عما هو متعارف عليه من بين نساء القبيلة أو المدينة أو الدولة التي يقيمن فيها۔۔ والهدف على الاقل ألا يؤذين۔۔ ناهيك عن ان تذييل الآية بقوله تعالى وكان الله غفورا رحيما هنا دلالة على ان من المؤمنات من لم يطبقوا أصلا ماورد في الآية السابقة فيما يخص لباس النساء واعتبرنه اكثر مشقة أو تعقيدا فأنزل الله توضيحا بآية آخرى قائلا “ذلك أدنى” أي على الاقل لا يمسهن أذى ،ولعلك ستذكر كم من امرأة محجبة أو منتقبة أوذيت في بلدان يعد فيها الدين الاسلامي أقلية، أو على النقيض ففي السودان وإيران والسعودية الى وقت قريب كان مجرد خروج طفلة في الخامسة عشر من عمرها مرتدية بنطال او حتى فستان قصير او تكشف عن وجهها او شعرها يعني انها اصبحت فريسة للسفلة من الشباب والشيوخ وحتما ستنال نصيبها من الأذى غير مأسوف عليها۔۔ففي كلتا الحالتين أصبحن عرضة للأذي وهذا مراد الآية من وجهة نظري، وعلى أي حال لست أحض أبدت على أن تترك المرأة عفتها وحشمتها ابدا ولكن على الأقل الا تصبح شاذة او مميزة لافي التبرج ولا في الحشمة۔ وهنا سؤال اخر هل كان للاسلام ان يخرج من العراق حينئذ أو من مصر او حتى من روما بالطبع لا ۔۔ اولا لان هذه الدول وغيرها بالمناسبة كانت قد حققت حضارة حقيقية وملموسة وراسخة في وجدان العالمين، من حيث المأكل والملبس والمسكن والعلوم والثقافة، وإلا كيف لمحمد(صلى الله عليه وسلم) ان يخرج في أهل مصر مثلا حينها بآية تقول ” وجعلنا لكم من جلود الأنعام بيوتا” لابد وحتما لن يستمعوا إليه خاصة وقد بنوا صُرحا عظيمة يتفاخرون بها بين الأمم۔۔ وأخيرا ما أود قوله أن منتجات كثيرة لعبت دوراً كبيرا اقتصاديا واستغلها المستفيدون اقتصاديا ودينيا لتحقيق مصالحهم كمعجون الأسنان بالمسواك، والمسواك نفسه والعسل الذي فيه شفاء للناس ،والتين والزيتون والحبة السوداء ، والتمر و المسك وليس فقط في كونها منتج يباع ويشترى ،ولكن حتى من يمتهنون التنمية البشرية و مخترعي مناهج الطب النبوي والى آخره وحتى مناسك الحج والعمرة التي أصبحت مادة سياحية لا غنى عنها أبدا، ما أود ان أختم به هذا المقال أن الدين الإسلامي جاء ليضع حدودا للفقر ومعاناة الفقراء والمهمشين، جاء بهدف العدل والإحسان والصلاح ، لكن ..المزيفون أفسدوا علينا ديننا ودنيانا.
اقرأ أيضًا:
يحيى عبد التواب يكتب عن ماجدة صالح
غراميات شارع الأعشى .. الفيلم الجديد للمستشار ترك آل شيخ
أحمد بهجت .. حياتى بين تشيكوف ..ونهر الحب الصوفى