وأنا أحب سحر حلمى هلالى ،ليس لأنها احتفظت باسم والدها الكاتب الصحفى والناقد الفنى حلمى الهلالى،ولكن لأنها تمثل بالنسبة لى نموذجا رفيع المستوى للباليرينا المصرية التى تستحق أن يعرفها الجمهور وأن تكون هذه البنت وعشرات مثلها وسيلة لترويج فن البالية الذى يتراجع كثيراً ليس بسبب زيادة عدد الأوصياء على الجنة والنار والحلال والحرام هذه الأيام،ولكن لعدم وجود محترفات مصريات يستكملن مشوارهن بعد الدراسة الأكاديمية،لذلك تعتمد الفرقة على الروسيات بشكل كبير،وتظل سحر وغيرها من المصريات نماذج تستحق الاهتمام ،وقد تابعت خطوات سحر حلمى هلالى فهى من الجيل الذى بدأ انضمام فرقة الباليه إلى دار الأوبرا ، وتحمس والدها رغم اعتراضات الأهل والأقارب على كلمة (الرقص) حتى فى تلك المجتمعات كانت الكلمة محرمة!،عموما،وقف الأب المثقف وحسم الخلاف والتحقت ابنته بمجرسة الباليه،وتخرجت سحر في سن العشرين، راقصة باليه علي المستوى الرفيع،ومع الإصرار أصبحت اضحت باليرينا أولي في فرقة الرقص بدار الأوبرا المصرية وتلك مكانة عظيمة،وكانت سحر من الجيل الذى حظى باهتمام فاروق حسنى وزير الثقافة الجديد آنذاك والذى أعاد فكرة تسكين الفرقة بالأوبرا على غرار الفرق الكبرى فى العالم، وبالفعل شهدت التسعينات نهضة كبيرة فى فن الباليه وأعاد فاروق حسنى تجربة الستينات فى استقدام خبراء للتدريب، وتألقت سحر حلمى هلالى وقدمت فى تلك الفترة العديد من العروض المسرحية الكبيرة كأوبرا عايدة الهرم،
ويستمر تألق البطلة الأولي لفريق الباليه بالأوبرا؛ لتبدأ في نهاية التسعينات وبداية الألفية الجديدة رحلة الصعود الحقيقة لراقصة الباليه الأولي في مصر، لكن قصة حب وزواج فرنسى كان وراء اختفاء سحر المفاجىء من عام 2000 وحتى عودتها فى 2006 !،صحيح أنها واصلت العمل فى فرنسا ولم تتوقف عن التدريبات وشاركت فى مسابقات وحصلت على جوائز، لكن الجمهور المصرى لم يكن يعرف معلومة عن سحر التى حصلت على دبلومة الدولة لأساتذة الرقص وهى أعلى درجة احترافية لراقص الباليه فى فرنسا،وكانت أول مصرية تحصل علي هذه الشهادة.
وعادت سحر لتبدأ من جديد وتحصل على موافقة الفرقة بانضمامها وخلال فترة قصيرة عادت لمكانها القديم وأصبحت راقصته الأولى،لكن أزمات إدارية واجهت سحر فى معهد الباليه الذى رفض معادلة شهادتها من فرنسا والتى تقدمت بها للتدريس بالمعهد، لكن إدارة المعهد لم توافق إلا على التدريس لفصول الإبتدائى والإعدادى بينما الشهادة الحاصلة عليها تؤهلها للتدريس الجامعى، المهم أن سحر لم تتوقف عن الرقص والتألق حتى وهى تواجه تلك الأزمات التى تلاحقها والتى تطلبت منها اللف على محاكم ونيابات لتثبت حقها فى التدريس الجامعى وفى الترقية،وأحيانا كانت تنهى مشاوير المحاكم لتقف على المسرح مساءً!،وكل ذلك يبدو عاديا فى إطار إثبات الحقوق،لكنها استشعرت وجود شىء غامض عندما قدمت فرقة الباليه استعراضا مبهرا بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسى فى أحد احتفالات الدولة بثورة 30 يونيو 2016،وكانت سحر حلمى هى الراقصة الأولى ،لكن دار الأوبرا أرسلت اسماء جميع الراقصين والراقصات إلى الصحف والفضائيات وتجاهلت اسم الراقصة الأولى للفرقة سحر حلمى الهلالى !!،ولأنها كانت أكثر حضوراً من مجرد تجاهل اسمها فأن فستانها الأخضر ظل دليلا على وجودها بقوة تأثيرها،فبعد الحفل ظل الناس يسألون عن صاحبة الفستان الأخضر الذى كانت ترتديه سحر الهلالى،ولاشك أن هناك عشرات مثل سحر لديهن مشكلات وأزمات إدارية،وأظن أن الوزير الجديد أحمد هنو يستطيع إعادة الهدوء إلى كل الذين تعرضوا لتعسف مقصود أو غير مقصود.