مئات دخلوا متحف اللوفر،وعشرات منهم أصدروا كتباً عن اللوحات التى مثل كل بحار الدنيا فى الفن،لكن عبد الرازق عكاشة أذهلنى وهو يختار (وجوه الفيوم ) نموذجا لتأثير الفن المصرى فى أعمال عشرات كبار المبدعين العالميين،وبموهبة فنان وخبرة ناقد نافذ البصيرة يعيد تقديم لوحات وأيقونات (وجوه الفيوم) التى تحتل مكانا بارزا فى متحف اللوفر أو نهر العشاق وبيت حجيج المبدعين الباريسى الشهير،وكانت هذه المعلومة غائبة عنى فى الأساس،لكن عبد الرازق عكاشة الذى رسم خريطة لونية لمتحف اللوفر للدخول إلى قاعاته ولوحاته، خصص فصلاً للون الأسود عن حكاية وجوه الفيوم التى نتشدق باسمها ولا نعرف قيمتها،فالمصريون هم أول من أبدع في (كلمات الصباح) كأنها مرسومة علي غرار صباح الفل، الورد، الياسمين، صباحين وحتة,،فأنت تجد صورة مبهجة للأزهار مع الصباح ،كيف لا وهو شعب لا يمكن الإمساك بروحه المتشبثة بخيوط النور الراسم علي خط الإبداع مسارًا للرزق والإنسانية..ووجوه الفيوم هى ذلك المزيج المصرى الخالص لعمال وفلاحين وفقراء وتكمن فى كل أيقونة منها روحا تختزن كيف كان هؤلاء القدماء عباقرة فى التلوين وفى الاحتفاظ بصور من حياتهم،هي وجوه لو راقبت حتي طريقة تلوينها، لتأكدت أنها من ألوان صنعت في مصر،من تربتها الخصبىة،ومزاجها المصري، ممتزجة بعرق الرجل البسيط، وشقاء أيامه،،وهذه الجوانب لم نهتم بها، بينما صارت اليوم إحدي أيقونات الفن العالمي التي يحتفظ بها متحف اللوفر .
ويتعجب الناقد والفنان عبد الرازق عكاشة فى كتابه (اللوفر .. فجر العشق والغرام الإبداعى ـ خارطة لونية المتحف الباريسى )من هذا الإهمال الغريب الذى جعل تلك الإيقونات والرسومات تخضع لتحليل علماء الآثار ولا تخضع للنقد الفنى والتحليل، كما يتعجب من عدم احتفاظ المصريين فى بيوتهم وجدران فنادقهم بنسخ من وجوه الفيوم، لكنه يبرر ذلك بالتعصب الدينى الذى بعض المسلمين يتعاملون مع وجوه الفيوم باعتبارها تراث مسيحى ،بينما ابتعد عنها معظم المسيحيين بعد الترويج بأن وجوه الفيوم تعود لشخصيات بيزنطية ذات معتقد مختلف عن مسيحي الشرق!!.
وضاعت قيمة تلك القطع الفنية النادرة بسبب ترويج أفكار دينية عن تراث حضارى يحتل مكانة كبيرة فى اللوفر،ويصف عبد الرازق عكاشة وجوه الفيوم من داخل المتحف فيقول إنها تجسد الحزن علي الرغم من أنها في الحقيقة وجوه نابضة بالحياة تكاد العيون فيها تنطق وتحكي ما تكتمه الأفواه، هي وجوه غنية بالدراما اللونية، قادرة علي الحوار بشكل يفوق غالبية لوحات فناني الغرب الصامتة،مثل الموناليزا، وغيرها، ثم يهتف بحماس:وهنا، أقول للجميع: (لقد سقط منا حق الشعوب) فوجوه الفيوم هي وجوه الشعب المصري، بعيدًا عن الملوك وقصورهم، وليست وجوهًا دينية. ولا جديدة لزيارة بيزنطية.
ورغم أهمية هذا الكتاب ( اللوفر .. فجر العشق والغرام الإبداعى ـ خارطة لونية المتحف الباريسى )الصادر عن الهيئة المصرية للكتاب،إلا أن مشوار الفنان عبدالرازق عكاشة يستحق التقدير لجهود كبيرة قدمها كان آخرها كتابه البديع عن سمير رافع، فقد كان عبد الرازق عكاشة هو الفنان المصرى الوحيد الذى سمح رافع له بدخول بيته والاقتراب من عالمه وكتب عنه واحداً من أرق الكتب التى تجمع سيرة هذا الفنان المصرى الكبير الذى كان صديقا شخصيا لبيكاسو،وفى الكتاب البديع الذى سنعرض له قريبا يقول عبد الرازق عكاشة إن رافع الذى عاش بباريس مات وحيداً،ومن المصادفات السيئة أن يرحل بينما كان عكاشة فى رحلة للقاهرة اضطر إلى قطعها لأنه يعرف أن أحداً لن يستطيع دخول بيت رافع إلا بعد ظهور أحد من الأهل والاقارب،ولم يعرف أحدهم خبر الوفاة،فقام عكااشة بالاتصال بابنه وابنته وقد سمع عنهما من الفنان أثناء حديثهما سويا،وتوصل إليهما من خلال ةوزارة الثقافة المصرية وكان الابن عنيفا ،بينما جاءت الابنة متلهفة لوداع والدها،ومن داخل المنزل استعاد عكاشة كل ذكريات ومذكرات سمير رافع وجمعها فى كتاب صدر عن الهيئة العامة للكتاب بعنوان (ذكريات وأعمال سمير رافع)، ننشر منه بعض الفصول التى تكشف عن فنان مصرى كبير لم يلق ما يستحق من تقدير،ونكتشف روح عبد الرازق عكاشة التى تعاملت مع هذا الفنان الكبير كما ينبغى لتلميذ نجيب فى مدرسة الفن التشكيلى المصرى أن يجلس بين أيدى أستاذ كبير، فبعد أن توصل عكاشة إلى ابنة سمير رافع سمح البوليس لهما بدخول منزل سمير رافع لتبدأ القصة التى يمكنك أن تقرأها كما كتبها عبد الرازق عكاشة فى ترجمان الأشواق.
اقرأ أيضًا:
دراما الفن والموت فى حياة مودليانى
تعثرى فى فستانك الأبيض .. فقد انتهينا