وبما إن ما عندناش يهود فى مصر تقريبا، فإن كنت مسلما أو مسيحيا،فأنت صاحب دين سماوى ويصعب على صاحب الديانة السماوية أن يستوعب أن هناك بشر يعبدون الشمس أو النار أو العجول أو التماثيل الرخامية،أو الأعضاء التناسلية؟!،ولذلك لا تندهش فلابد وأن تعرف أن هناك ملايين يسجدون ويركعون لأشياء غريبة ويعتنقون أديانا أشد غرابة عن جهل، أو اعتقاد، أو بفعل السحر!،أو الجنون!،فلك أن تتخيل مثلاً أن في سنغافورة معبد ضخم جدا “لسن بوذا المقدسة” الذي يعتقد البوذيون أنه دفن فيه وبعد فناء الجسد لم يبق منه إلا (سن واحد) أقيم حولها المعبد،وهي موضوعه في صندوق من الذهب، أقيم عليه تمثال كبير من الذهب الخالص.
وفي أغسطس من كل عام تُحمل السن المقدسة علي هودج من حرير تغطيه قبة من ذهب، يحمله فيل يبالغون في تزيينه،ويتبعه قطيع مكون من 62 فيلا أخري، وتفرش لها السجاجيد في الطريق لكيلا يدنس وحل الطريق طهارة حملها المقدس،وبعد أن يطوف موكب الفيلة حول المدينة يعود إلي المعبد،وسط الحجاج الركع السجود المصطفين علي جانب الطريق قد انهمرت دموعهم!، قد تراه جنونا!،لا يهم ،المهم أن تعرف ولو معلومات سريعة عن هؤلاء الذين يعيشون خارج صفحات الفيس بوك وعلى هذا الكوكب الواسع، وسأقدم لك لمحات سريعة عن تلك الأديان بشرط أن تستكمل البحث وستجد معلومات أكثر ترفع رصيدك من المعرفة.
وأهم هذه الأديان هي: البرهمية، والبوذية، والكنفوشية، ثم المجوسة، وهناك مئات الديانات الآخرى التى ظهرت من داخل هذه الأديان ومن خارجها والتى ابتدعها البشر مثل الطاوية، واليزيدية، والمانوية،فقدعرف الإنسان الأديان منذ بدأ فى تكوين المجتمعات، ويري أغلب الباحثين أن خوف الإنسان من القوى المجهولة،هو الذي دفعه إلي ابتكار آلهة يتقرب إليها لدفع شر تلك القوى، وطبيعى أن الطقوس الدينية كانت يومئذ بسيطة وساذجة.
وبمرور الأيام نشأت هذه الديانات التى دعا إليها وعمل علي نشرها بعض الحكماء والفلاسفة ولقيت إقبالا،ومن هذه الأديان مايعتبره معتنقوها دينا قوميا يخصهم وحدهم،وهو مايسميه علماء الأديان”دينا مقفلا” أي محصورا في بيئة خاصة، لايدعي إليه الآخرون.
البرهمية .. البحث عن الفيدا
البرهمية أو الهندوكية أو الهندوسية هي أقدم أديان الهند، ، وهي تنسب للاله “برهما” وهو عند الهنود البرهميين إله موجود بذاته!، يستمد منه كل شئ وجوده، لا يحدث شئ في العالم إلا بأذنه وارادته،وهو مسبب الحياة والموت لكل كائن، ولا ترجع البرهمية إلي كتاب واحد، لكنها استندت في تعاليمها وقواعدها إلي عدد كبير من الكتب التي جمعت فلسفة الحكماء القدامي وأفكارهم وتعاليمهم.
وأقدم الكتب التي ضمت المبادئ البرهمية وفلسفتها وتعاليمها هو كتاب “الفيدا” وهي كلمة تعني العلم أو العرفان المقدس.
ويذهب البراهمة إلي أن هذا الكتاب نزل به الإلهام علي جماعة اختارتهم الآلهة دون غيرهم، وأن هذه الجماعة المختارة قامت بنشره كاناشيد يتغني بها الكهنة للناس، قبل مولد المسيح، عليه السلام بألف عام تقريبا.
وظل الفيدا ينتقل من جيل لآخر بالتواتر شفاها نحو خمسة قرون ثم سجل في كتب ثلاثة، أضيف إليها رابع يتضمن الاحجبة والتعاويذ، والديانة البرهمية تذهب إلي أن جميع الكائنات، التي صدرت من الموجود الأول، متغيرة متناسخة وأنها تعود في النهاية إلي خالقها، ويشبهونها بقطرات من الماء العذب تصبها الأنهار في البحار ثم تصعد بخارا في السماء وتنتقل من جهة إلي جهة أخري، وقد تتناسخ فتتحول إلي قطع من البرد أو الثلج ثم تسقط مطرا علي قمم الجبال ثم تنحدر إلي الأنهار، وبذلك ترجع إلي مصدرها الأول.
وتدعو البرهمية إلي الفناء في الخالق وذلك بإهمال مطالب الجسم لتصفو الروح التي هي قبس من الخالق، وإلي الإعراض عن متع الحياة والإكثار من الصوم والتوبة والندم علي مااقترف من المعاصي والآثام.
وبعد أن كانت البرهمية في الأصل ديانة توحيد إلي حد كبير، تغيرت بمرور الأيام وحلت محلها عقيدة تثليث، لقد زعم كبار الكهنة أن الإله “برهما” كان في البداية يقيم في فضاء لا نهاية له، ثم خلق العالم وسمى نفسه الخالق، ثم انبثق منه “سيفا” هو الإله المدمر الذي يحطم ويخرب كل شئ.
ولما كان وجود “سيفا” سيعمل علي فناء كل ما بالأرض والسماء، لذلك انبثق من”برهما” إله ثالث هو “فيشنو” ليحافظ علي الكون ويجدد مايدمره “سيفا”.
وأهم ماتتميز به البرهمية هو تقسيم المجتمع إلي طبقات وذلك – في رأيهم – يرجع إلي أن كل طبقة من طبقات المجتمع انما خلقت من عضو معين من أعضاء “برهما” وهي تتفاضل بحسب العضو الذي خلقت منه، فالبرهميون خلقوا من فم “برهما”و”الكشتريون”من ذراعه “وهكذا حتى تصل المخلوقات إلى العبيد المخلوقين من قدم برهما!،قسم البراهمة الوظالف الإنسانية بين هذه الطبقات فالبرهميون أرقاها يتولون الوظائف الدينية ويعلمون الناس “الفيدا” أما “الكشتريون” فلهم للوظائف الحربية ومهمة المحافظة علي الأمن.
والطبقات في البرهمية وراثية، فلا يصح لفرد من طبقة ما أن ينتسب إلي طبقة أخري، فضلا من مزاولته مهنة غير التي تخصصت لها طبقته، وربما كانت تلك الطبقية وراء ظهور السيخية التى تفرعت من البرهمية،وأهتمت طائفة السيخ بالتربية الحربية، وقد أسسها “جردو” أي (الُمعلم) وقد واجه مقاومة شديدة من البراهمة، ولكنه استطاع أن يصمد وتبقى طائفته حتى اليوم.
شجرة بوذا
البوذية نظام فلسفي أخلاقي ديني، وكلمة بوذا تعنى الحصول على (البوذة) أى الشهادة الكبيرة فى العلم والمعرفة والوعى، فمؤسس البوذية اسمه “سدهاتاجوتاما”ولا علاقة لاسمه بالبوذية ،وكان (جوتاما) ابنا لأحد زعماء القبائل الهندية ، ولد حوالي عام 560 قبل الميلاد، وعاش عيشة ترف وتزوج في التاسعة عشر، ولما بلغ التاسعة والعشرين هجر منزله وزوجته، ولجأ إلي الغابات ليبحث عن حقيقة الحياة وسرها وهل من المستطاع التغلب علي آلامها؟
وفي طريقه لقي أحد المتسولين فبادله بملابسه الثمينة اسماله البالية والتقي بعد ذلك ببعض الرهبان الذين لقنوه التعاليم الهندوكية التي تقوم علي تعذيب الجسد بالجوع والآلام مما يؤدي الي سمو الروح وخلاصها، وأسرف “جوتاما” في تعذيبه لنفسه مما لفت إليه انظار بعض النساك فالتفوا حوله.
وظل كذلك نحو سبع سنوات، أدرك في نهايتها أن تعذيب الجسد زاد حياته اضطرابا وقلقا، ومن ثم قرر أن يضع لذلك التعذيب حدا،وطلب من أتباعه أن يأتوه بالطعام والشراب، مما دعا أغلبهم للانفضاض من حوله!.
ولم يهتم”جوتاما” بذلك، وقرر العودة إلي مسقط رأسه، وبينما هو في طريقه جلس يرتاح تحت شجرة، وإذا به يغفو قليلا ويسمع صوتا يناديه بأن “في الكون حقا ..وحقا لاريب فيه، وأن عليه أن يجاهد حتي يناله” وبذلك حلت فيه روح “البوذا” وأدرك سر الآلام التي يتكبدها البشر وأسبابها وطرق علاجها، ولهذا أخذ ينشر تلك الحقائق بين الناس، واجتمع حوله عدد كبير من الشبان، لقنهم تعاليمه ومبادئه وطلب اليهم نشرها، فكانوا خير دعاة له.
وظل “بوذا” يدعو لديانته خمسة وأربعون سنة ومات نحو عام 483 قبل الميلاد.
وفي سنغافورة معبد “سن بوذا المقدسة” الذي يعتقد البوذيون انه دفن فيه فبلي جسمه ولم يبق منه الا سن واحد أقيم حولها المعبد، وهي موضوعه في صندوق من الذهب، أقيم عليه تمثال كبير من الذهب الخالص.
وفي أغسطس من كل عام تُحمل السن المقدسة علي هودج من حرير تغطيه قبة من ذهب، يحمله فيل يبالغون في تزيينه، ويتبعه قطيع مكون من 62 فيلا أخري، وتفرش لها السجاجيد في الطريق لكيلا يدنس وحل الطريق طهارة حملها المقدس، وبعد أن يطوف موكب الفيلة حول المدينة يعود إلي المعبد، وسط الحجاج الركع السجود المصطفين علي جانب الطريق قد انهمرت دموعهم!
هل كفر كونفوشيوس بتعاليمه ؟
الكنفوشية… وهي تنسب إلي الحكيم الصيني كنفوشيوس الذي كفر بكل ما كان يدعو إليه عندما بلغ العام التاسع والستين،إذ شعر برغبة فى اعتزال الناس والتوقف عن نشر دعوته إلى المحبة والإخاء وأن يفعل شيئاً آخر قبل الموت ،
عكف علي جمع الشعر الصيني القديم وعلي إصلاح الموسيقي التي كانت تعزف في الحفلات العامة، كما ألف سجلا لامجاد تاريخ بلاده.
نشأ في أسرة كريمة ثم اشتغل بالتدريس في بدء حياته العملية، كما فعل افلاطون، وأهتم بتلقين النشئ الأخلاق الحميدة ومبادئ الحكومة الرشيدة، ولكنه لم يلبث طويلا في القيم بتلك المهمة إذ أخذ يدرس الفلسفة واستبدل بأطفله حواريين لقنهم الفلسفة بلا مقابل ومن ثم بدأ يشتهر فعين قاضيا، ولكنه لكثرة حساده ترك القضاء وحاول الاشتغال بالسياسة باسداء النصائح للحكام ولكنه وجد معارضة شديدة مما دعاه إلي العودة إلي نشر الفلسفة، وجمع حوله عددا كبيراً من الشبان الذين نشروا آراءه ومبادئه.
ولم يكتب كنفوشيوس شيئا بنفسه ولكن تلاميذه أثبتوا كل ما أملاه أو سمعوه منه.
ومن أبرز المبادئ بالكنفوشية الاخلاقية، المحافظة علي العلاقة الطيبة بين الأفراد وتوثيق الروابط بين الأسر وحسن التعامل بين الرئيس والمرءوس، والدعوة إلي تهذيب النفوس وتطهير القلوب، وتوسيع كل فرد لدائرة معارفه.
ولما مات كنفوشيوس بالغ تلاميذه في تمجيده ولقي بعد موته من ذيوع الصيت ماجعل الأباطرة والحكام الصينيين يقيمون المعابد باسمه ويأمرون بتقديم القرابين تكريما لذكراه أربع مرات في العام، وخلعوا عليه لقب “العظيم القداسة” ونسوا وصيته التي قال فيها: “كل مايجوز أن أُلقب به هو أنني تلميذ لهم، ومعلم لا يكل، وهذا حسبي.. ولا شئ أكثر”.
الشنتوية… الخضوع للأمبراطور
الشنتوية .. هي الدين الأصلي القديم لليابانيين ويقوم علي تمجيد الأجداد،وذلك لأنه من الملايين التي تتكون منها الالهة الشنتوية تنحدر الأسر العظيمة وأعظمها آلهة الشمس التي تسلسلت منها أسرة الأمبراطورية الحاكمة،ولهذا يمجد اليابانيون أمبراطورهم وأفراد أسرته بصفة خاصة.
ويعتقد الشنتويون أن الشخص إذا مات بقيت روحه في العالم الأرضي، تأكل وتشرب وتتمتع بما كانت تتمتع به من ملذات الحياة دون أن يراها أحد ولذلك أقاموا لهم الاضرحة، وللشنتوية نحو 5000 معبد في اليابان.
وفي أغلب هذه المعابد يوجد حصان أبيض ليركبه الإله الذي أنشئ باسمه المعبد، وهذه الأحصنة لا يجوز لأحد، كأئنا من كان، أن يركبها والشنتوية اليوم هي الدين الثاني لليابانيين بعد البوذية.
المجوسية
وهي تطلق علي اتباع الزرادشتية التي أسسها زرادشت حوالي القرن السابع قبل الميلاد وكان أول ظهور لها في “أفغانستان” ومنها انتشرت إلي جميع أرجاء فارس “ايران”.
وجوهر مبادئ المجوسية هو أن العالم يتنازعه ميدان متناقضان هما الخير، الذي يمثله اله النور ويسمي “أهورامزدا” ، والشر، ويمثله اله الظلمة ويسمي “أهرمان”.
وعن الأول تفيض الحياة الطيبة وكل مافي الوجود من خير ونور ونعم، ومن الثاني تصدر الآفات والأمراض وكل ماينزل بالإنسان من شر وبلاء، والأثنان في حرب مستمرة، يتنازعان البشر ويحاول كل منهما أن تكون له الغلبة،ولكن الغلبة في النهاية تكون للأول، وكتاب المجوسية المقدس يسمي “الزند أفيستا”.
ويؤمن المجوس بالبعث والحساب، كما يؤمنون بظهور مخلص يولد من عذراء وينصر أعوانه الخير وبذلك يسود السلام وتعم البركة.
وقد سادت المجوسية بلاد الفرس حتي انتصر الإسكندر الأكبر عليهم سنة 331قبل الميلاد فانحط شانها الي حد ما وظلت حتي فتح المسلمون فارس ففر بعض أتباعها إلي الهند حيث ظهرت طائفة تسمى “البارسيين”.
والمجوس يعبدون النار ويوقدونها في المعابد وهم لا يدفنون موتاهم وانما يضعونهم في أبراج لتلتهمها الطيور الجارحة وما تبقي من عظام يجمع ويلقي في بئر تتوسط تلك الأبراج..كل هذه مجرد نبذة صغيرة يمكنك معرفة المزيد بالبحث.
اقرأ أيضًا:
بنت العزيز تكتب عن الأنوثة مُحرمة