للفنان ادهم وانلى
وبما إن سيادة وزير الثقافة الجديد (أحمد هنو) أعلن عن لقاءات قادمة مع الأدباء والفنانين والتشكيلين،وبما إن الحديث عن نشاطه وحيويته قد انتشر فى الأوساط الثقافية،وبما إن قطاعات الوزارة فى حاجة إلى إعادة هيكلة وترميم،وبما أننى قد ناشدته فور مجيئه بضرورة الاهتمام بفرقة الفنون الشعبية وضخ ميزانية كبيرة لتعيد تقديم التراث المصرى برقصاتها المشهورة فى المحافظات،فإن فرقة باليه أوبرا القاهرة أيضا تستوجب اهتماما كبيراً يا سيادة الوزير،وتحتاج تكريما خاصا لكل فناناتها وفنانينها ليشعروا أنهم جزء من الحركة الثقافية والفنية،فقد جرت العادة على تهميش تلك القطعة المهمة من النسيج الثقافى، ورغم أن الوزيرة السابقة نيفين الكيلانى كانت قادمة من معهد الباليه إلا أن أوضاع الفرقة ومشكلاتها الداخلية لم تلق اهتماماً منها،فإن كنّا نتحدث عن القوة الناعمة فليس هناك أكثر من الباليه نعومة وسحرا وتأثيراً،ولدينا فى مصر واحدة من أكبر وأعرق فرق الباليه فى العالم(أنشئت عام 1966) التى كانت تابعة للمعهد العالي للباليه قبل انضمامها إلى دار الأوبرا،وتم استدعاء أكبر خبراء التدريب من الاتحاد السوفيتى، وقدمت الفرقة أول أعمالها بإخراج “ليونيد لابروفسكي” مدير مسرح البولشوي، بعدها ظلت الفرقة تقدم الباليهات الكلاسيكية(كسارة البندق، بحيرة البجع، وغيرها، فى اعتماد كامل على الكلاسيكيات الروسية فكان لابد من ظهور روح مصرية تضيف إلى عالم الباليه فقدم الموسيقار جمال عبدالرحيم عام 1984 باليه “أوزوريس”والذي يستلهم الأسطورة الفرعونية القديمة”ايزيس وأوزوريس” ثم استعراض “معبد الموسيقي” للفنان انتصار عبد الفتاح وصمم رقصاته “يسري سليم”،وظلت الروح المصرية تظهر وتختفى على فترات وأتذكر أن عطية شرارة كان قد قدم باليه بعنوان “خطوات مصرية” ،كما قدم عمر خيرت باليه النيل عام 1990 ،وغيرها من الأعمال التى لا أتذكرها بالطبع، لكن الجميع يتذكر الفنانة أرمينيا كامل التى قدمت أول باليه مصرى تقوم به سيدة بعنوان (كليوباترا)،وكانت أرمينيا كامل قد انضمت للفرقة منذ يناير 1991 وهو العام الذى انتقلت فيه فرقة الباليه إلي دار الأوبرا المصرية تحت قيادة الراحل عبد المنعم كامل الذى تزوج أرمينا كامل الإيطالية بعد قصة حب مصرية إيطالية قررت فيها الفتاة أن تهب حياتها وفنها لمصر،وبعد رحيل الفنان عبد المنعم كاملظلت أرمينيا مخلصة لعملها فى صمت وبعيداً عن الضجيج حتى أصبحت مؤخراً مديرا لفرقة الباليه،وكل هذا يبدو عظيما ورائعا، لكن
الفرقة تبدو بعيدة جدا عن الإعلام ،ولن تجد عن فرقة الباليه سوى أخبار بليدة عن مواعيد الحفلات ،وليس فى ذلك تقصير من رئيس دار الأوبرا لمياء زايد بالطبع فهى ابنة شرعية لفرقة الباليه،لكنه تقصير من الإعلام بشكل عام فلا أحد يحاور الراقصين ويتعرف على مشاكلهم ولا أحد يقدم لنا مواهب جديدة!!،ومع كامل احترامى وتقديرى،كيف سيعرف الناس اسم السيدة أرمينيا كامل وتاريخها ودور الفرقة التى تديرها إن لم يحتفى وزير الثقافة!،كيف سيعرف الناس أن لدينا فناناً فى قامة إنتصار عبد الفتاح الذى تم إبعاده عن الأوبرا وأصبح يدير واحداً من أكثر المهرجانات بهجة وشعبية وهو مهرجان الطبول!،الحديث عن قوة مصر الناعمة لن يتحقق بفيلم الملحد ولا بفرقة تكوين للتنوير والإضاءة!،لكن تلك القوة كامنة فى كل هذه الفنون الرفيعة التى تحتاج جرأة فى إعادة تقديمها،والبالية أرقى هذه الفنون وكان يجلب ملايين من الدولارات ومن الوفود السياحية إلى جانب تأثيره كفن راق يحتاج ترويجا فى المدارس والمعاهد وقصور الثقافة،ليعرف الناس أن الباليه هو فن التعبير الجسدي والتوافق الروحي الدرامي والادائي فهو فن الروح و الجسد معاً، فالصغيرات لن يكبرن بمفردهن فى المدن والقرى البعيدة ،ولن تنمو عقولهن وعقول أولياء أمورهن إلا بتقديم لقطات من هذه الفنون على الشاشات وبين مباريات كرة القدم والمسلسلات.
اقرأ أيضًا:
سحر حلمى هلالى..أحزان راقصة باليه !
جسور ماديسون .. الحب كما قال المطر!