قبل المراهقة كنا نحب البنات حبا عاديا ،وكانت الفنانات والممثلات الأقرب إلى أقرانى،أما أنا فقد كنت أميل إلى مذيعات نشرة الأخبار!،تعجبنى حركة الشفايف فى الحديث بكلام كبير عن الحدود الملتهبة والمبادرات الساخنة،حتى ظهرت سلمى!،وآه من ظهور (سلمى) المدهش المريع ،ضربتنى سلمى حتى سال الغرام من جسدى الصغير،ولم أعرف مين السبب!،هل من الصوت المرتخى الحالم، أم بحر عينيها السارح فى الخضار،رمشة العين،والابتسامة الواثقة،وحلاوة الشفتين الممتلئتين والأسنان المحندقة ،ألوان ملابسها التى تشف ولا تبين ،من أين يبدأ جمال سلمى ومن أين ينتهى؟ ،كتمتُ الهوى حتى كتابة هذه السطور إذ عادت ذاكرتى إلى أيام سلمى الدافئة الهانئة ،ولولا أن الكاتب باسم شرف سبقنى وكتب رواية عنوانها أنا وحيد يا سلمى لكتبت رواية بالاسم نفسه!، كانت سلمى تشبه البحر اليوسفى الذى يغمر قريتنا فهو صاخب جدا ومفترس يسحب ضحاياه فى وضح النهار،وفى الليل ينام ولا يقوى عليه سوى المسحورين وأصحاب القوى الخارقة،كنت أسأل: ماذا تأكل سلمى هذه؟ وماذا تفعل فى بيتها قبل أن تظهر على الشاشة ؟،صحيح أن كل ذلك تبخر بعد ظهور معالى زايد فى حياتى ،إلا أن سلمى استمرت فترة طويلة خاصة وأن أقرانى كانوا يرونها باردة وسمجة وثقيلة الظل وغير مثيرة للخيال!،وهذا يجعلك متفرداً ومنفرداً بسلمى التى لا يفهم جمالها سوى الأذكياء أمثالى .
قالت سلمى فى حوار لها إن التى شجعتها على العمل كمذيعة هى السيدة عفاف الحملاوى،وليتك يا صديقتى القارئة تعرفين حجم المعاناة التى عشتها بحثا عن صورة للسيدة عفاف الحملاوى التى جعلت جيلنا يستمتع بوجهها على الشاشة،فقد كانت الست عفاف الحملاوى قامة كبيرة فى التليفزيون المصرى،فهى مذيعة متميزة ومختلفة وتتمتع بثقافة واسعة لذلك اعتمد عليها التليفزيون فى تقديم واحد من أهم برامج الثمانينات (على ضفاف النيل) وكان برنامجا مصريا خالصا يجوب فى القاهرة
ومبانيعها ويحكى تاريخها على لسان أساتذة العمارة والفنون والآثار، وعندما زارتها سلمى الشماع كانت صحفية شابة فى الأهرام وذهبت لاجراء حوار فى مبنى التليفزيون مع السيدة عفاف التى رأت فيها كل مقومات المذيعة خاصة مع اتقان سلمى لعدة لغات، ونجحت فى اقناعها بالتقدم لاختبارات المذيعات وتفوقت سلمى وتم اعتمادها لتقد برنامجها الأول(الكاميرا هناك )ثم جاءت الانطلاقة الكبرى فى برنامج (زووم) الذى كان أشبه بالتحقيقات الصحفية من خلال جولات فى الاستوديوهات والمسارح،وظل حبها متربعا فى قلبى فترة طويلة حتى ظهرت معالى زايد ـ رحمها الله رحمة واسعة ـ فى حياتى فنسيت ما قبلها،وانتظرت ما سيأتى بعدها.
اقرأ ايضًا: