فى 11 يونيو الماضى مرت سنة كاملة على رحيل البالرينا المصرية ماجدة صالح ،وبكل أسف لم يتذكرها ةيحتفى بذكراها سوى رفيق رحلتها الفنان وراقص الباليه العالمى يحيى عبد التواب الذى كتب على صفحته الشخصية مقالاً صغيراً نعيد نشره احتفاءً بذكرى الفنانة المصرية .
لقد شرفت بمزاملة ماجدة على خشبة مسرح الباليه في مصر (دار الأوبرا القديمة) منذ عام 1963 وحتى عام 1969. واستمرت صداقتنا المتفردة لمدة 60 عاما متصلة، بصرف النظر عن التواجد معا في مكان واحد أو في أماكن مختلفة. كما شرفت بطلبها استلام درع تكريمها – بسبب عدم استطاعتها الحضور – من وزيرة الثقافة دكتورة نيفين الكيلاني. كان التكريم يوم 8 مايو 2023 في دار الأوبرا الجديدة، وبحضور رئيسة أكاديمية الفنون دكتورة غادة جبارة ورئيس دار الأوبرا دكتور خالد داغر وعميد المعهد العالي للباليه دكتور عاطف عوض
التحقت ماجدة بمدرسة الباليه والتي أصبحت جزء من معهد الباليه بأكاديمية الفنون عام 1958 وأنهت اخر سنتين من منهج الدراسة في مدرسة الباليه التابعة لمسرح البولشوي بموسكو عام 1965، وقامت بأداء أدوار رئيسية على خشبة مسرح الباليه في مصر وفي روسيا منذ 1963 وحتى 1972. وكانت ضمن أول 4 مصريين شاركوا فرقة باليه دولية محترفة، وهي فرقة باليه مسرح كيروف (حاليا مسرح مارينسكي) وهم كل من ماجدة صالح ومايا سليم وعبد المنعم كامل وكاتب هذه السطور، وكان ذلك في الموسم الذي ساهمت فيه هذه الفرقة بمناسبة الآحتفال بالفية القاهرة ١٩٦٩. ومن اهم ما قدمته ماجده من شخصيات في فن الباليه: منياتيور (منمنمة) العمياء، وهو العمل الذي شاركتها فيه 1963 وشخصية ماريا في باختشي سراي 1966 وشخصية جيزيل في جيزيل 1968 وفي العرضين شاركها البطولة رضا شتا وشخصية كيتري في دون كيشوت ١٩٧١ بمشاركة عبد المنعم كامل. وهي أول من مثلت مصر خارج البلاد في أداء أدوار البطولة في كل من باليه دون كيشوت وبالبه جيزيل خارج مصر مع عبد المنعم كامل (على خشبات مسارح الاتحاد السوفيتي 1971)، وحصلت على الماجستير 1975 والدكتوراه 1979 (كلاهما في الولايات المتحدة) وعادت إلى مصر للتدريس في المعهد العالي للبالبه واصبحت أول عميدة له من خريجيه 1984 وساهمت في إنشاء دار الأوبرا الجديدة وإعداد أول موسم لها 1988، كما أصبحت أول من شارك في عضوية لجنة تحكيم مسابقة دولية للباليه (مسابقة تشايكوفسكس في موسكو والتي تنعقد مرة كل 4 سنوات)
كنا في مصر نكرّم أسماء مبدعينا بعد وفاتهم وأصبحنا نكرّم الكثيرين منهم اثناء حياتهم، وهذه خطوة إيجابية يجب تشجيعها
ولكن، يبقى سؤال مهم: هل يكفي التكريم بمنح المبدع أو لاسمه درعا وبالاحتفاء بعطائه يوما، ثم ننشغل عن اهميته فيما بعد؟
إن الإبداع ليس مجرد عمل ما أو الحصيلة الكمية لمجموعة أعمال، وإنما هو إضافة نوعية إلى النسيج الثقافي الذي تغزله المجتمعات بأحلامها ومشاعرها وكدحها وتعيش في أعمق أعماق وجدانها، فترتسم هذه الإبداعات على ملامح الوجوه وتزرع الآمال وتشحذ الهمم وتدفع إلى المزيد من الإبداع. إن الابداع نسيج ممتد عبر الأجيال، نغزله وننقش عليه بنغماتنا وبألواننا، فلا يصبح مجرد رداء لنا وإنما يصبح ذواتنا المتطورة نحو الأرقى