بكل الآسى والحزن استمعت إلى الأستاذ مصطفى بكرى وهو يعلق على قرار استبعاده من قناة صدى البلد،ارتعشتْ أطراف الرجل وارتبكت ملامحه الصلبة أمام مذيع شاب وقال وهو مختنق بالبكاء أنه لم يصنع شيئا لأولاده ولو حدث وخرج من صدى البلد فربما لا يجد قوت يومه!.
: مش عارف أروح فين .. لو خرجت من صدى البلد ..ولا أجيب فلوس منين؟
ولم أملك دموعى التى طفرت من عينى مرة واحدة،ليس لما قال مصطفى بكرى عن بؤس حاله المادى،ولكن لأننى أعرف صعوبة أن يتحدث مصطفى بكرى بهذا الانكسار عن ظروفه المادية ،فالرجال لا يتسولون ولا يشكو أحدهم حاله إلا لله،ومصطفى من هؤلاء الرجال ،ولولا أن الأمر خطير ويهدد مستقبله ومستقبل أولاده ما قال كل هذا الكلام الموجع له شخصيا!.
ماهذا ياناس!،كيف يصل الحال برجل عاش مخلصا لكل العصور ولكل الرؤساء إلى هذا المنحدر غير الإنسانى!!،الرجل بعد أن عاش كل هذه السنوات محافظا على مبادئه الواضحة والصريحة فى مساندة جميع حكام ووزراء مصر لايجوز أن يتسول بهذه الطريقة التى تثير الشفقة والتى تصعب على أمثال مصطفى بكرى ابن الجنوب .
صحيح أنه عاد بحمد لله بعد ساعات من حديث الشجن والدموع إلى مكانه فى صدى البلد مقدماً الشكر لمحمد أبو العينين،لكنه سيظل مجروحاً، فقد كان كل كلامه موجع ومفاجىء ومباغت،وكنت أظن ـ وبعض الظن ليس أثما ـ أن مصطفى بكرى يمتلك على الأقل مليون جنيه تستره وتستر أولاده!،إن لم يكن جمعها من العمل كرئيس مجلس إدارة الأسبوع لعقود ،فكان يمكنه جمعها من علاقته الوطيدة مع العقيد معمر القذافى أو مع قذاف الدم،أو من علاقته بصفوت الشريف،أو من قناة الساعة،أو من الفضائيات التى تستضيفه منذ عشرين أوثلاثين عام،أو من البرامج التى يقدمها،لكن بكل أسف فشل الأستاذ فى جمع هذا المبلغ الضئيل،أو أى ثروة مثل التى صنعها كثير من الزملاء الذين يصغرونه بسنوات والذين قال أنه كان وراء دخولهم نقابة الصحفيين.
قضيتُ وقتا محزنا بالفعل،تمنيت له نهاية أكثر رونقا وإشراقا من تلك النهاية التى بدا فيها واهنا ضعيفا يصر على حشر سيرة أولاده ومستقبلهم فى الحديث عما سيلاقيه إن خرج من صدى البلد!، والحمد لله لم يخرج وعاد يواصل كفاحه الوطنى على طريقته المشهورة.
كنت فى خصومة كبيرة مع رجل غير هذ الذى رأيته بائسا ولا يملك سوى(الشرف)، وتمنيت نهايته وخروجه من المشهد بالطبع،،لكننى بالفعل كنت أريد نهاية أفضل غير تلك التى جعلتنى متعاطفا مشفقا عليه،ولا أعرف لماذا انتابنى شعور بالذنب لأننى خصصت له فصولاً مطولة من كتابى البغاء الصحفى ،كان قويا وقتها وتجوز معاقبته على خطاياه التى تصور أن أحداً لا يراها، والمثير أنه انفطر قلبه قبل واقعة صدى البلد مرات ومرات ،وتدحرج من عصر مبارك والقذافى إلى سلالم محمد مرسى ،ثم قفز من المركب الغارق ولحق بثورة 30 يونيو،وظل محافظا على إخلاصه لكل العصور إنها رحلة طويلة من انفطار القلب بدأت من مارس 2011،ويمكنك مراجعتها لتعرف كم تعذب مصطفى بكرى ولم يحصل على مليون جنيه بعد كل هذا الشقاء!.
لقراءة المزيد عن مصطفي بكري