فوزى: كم جئت ليلى بأسباب مُلفقة .. ما كان اكثر أسباب لوعاتى.. ليلى.
ـ إسماعيل ياسين: من البارد الآتى.. أقيس أرى ماذا وقوفك فى ساعة متأخرة!
ـ فوزى: خلصت من بيتنا النار.. من غيرك يحمل همى وبدال أطلب من الجار.. جيت أطلب من بيت عمى
إسماعيل ياسين: ليلى .. تعالى .
صباح: أدينى جيت.
إسماعيل ياسين: هاتى لابن عمك عود كبريت.
استعراض :أبطال الغرام
كلمات :فتحى قورة
هكذا خالد جلال،كلما رأيته شاهدت استعراضا متنوع الفقرات ومتعدد البهجة،جاءته “الفرصة”فنجح فى تحويلها إلى كوكتيل من الفرص المعروضة أمام جيل من الشباب، كان بإمكانه أن يظل موظفاً يؤدى دوره فى امتعاض وملل وشكوى دائمة من المؤسسات الثقافية التى تقتل أولادها،لكنه عافر بقامته القصيرة حتى حقق حلمه وحلم عشرات من أجيال مختلفة منحهم فرصة الظهور والنجومية .
ونضيف للخلق ما نشاء، ليس معناها بالنسبة لى أن ينعم مخلوق من بنى البشر بمناخير زيادة أو ساق ثالثة أو قطعة انترلوب أكبر مما لدى الآخرين، لكن الخالق أضاف شيئًا لمن اختاره، شيئًا غير ملموس أو محسوس، يشفّ ولا يبين، ربما يكون فى الروح حين تشهق بذكر بارئها متأملة أشجارًا وأنهارًا وسموات، فتنحنى لعظمته فى تواضع وامتنان وحمد لا ينتهى على نِعَم لا تُعد ولا تُحصى، ربما تكون كذلك
الموهبة بكل أشكالها وألوانها، بداية من السيدة التى تنحنى على ماكينة الخياطة فى أفقر قرية فى مصر لتصنع فستانًا، مرورًا بصانع «الفريسكا» إن أجادها،جزء من إضافات المولى لمن اختار من عباده، وكثير من عباقرة الموسيقى والفن التشكيلى والسينما والمسرح والأدب نالوا هدية الله واحترموها وقدّروها كنعمة حفظت لهم الخلود والبقاء، وكثير من هؤلاء صفَت روح الواحد منهم فتجلّى الله بين يديه إن كان رسامًا، وفى حنجرته إن كان مطربًا، فتلمس فيه ذاك الوهج الربانى الذى يجعل منه هالة تخطف العين وتجذب الروح وتصغى لما يقول.. خالد جلال، الذى لم أكن قد التقيت به من قبل، ينتمى إلى فصيل من هؤلاء الذين أنعم عليهم المولى بشىء ما، نفحة من الرضا والقناعة تنعكس فى لمعة عينيه وهو يستمع إلى رأى تلامذته فيه، تواضع ورهبة وخجل أمام عبارات الثناء والمديح
كان خالد جلال ضيف صحيفة «الدستور» وكنت مديرا لتحريرها آنذاك،ولم أكن متحمسًا للقاء،وجلست دقائق متململًا و«زهقان» حتى انتهت عبارات الترحيب وحُسن الاستقبال ، وبدأ خالد يتحدث عن تجربته منذ أيام الجامعة وحتى مرحلة التجنيد فى القوات المسلحة، حيث قرأ العبارة التى سيعتبرها منهجًا خاصًا له:”العرق فى التدريب يوفّر الدم فى الحروب»، وجربها مع عرض “قهوة سادة” الذى كتب له شهادة ميلاد ليس كمخرج موهوب، بل كفنان قادر على تجديد الدماء وضخ الحيوية فى المسرح بمجموعة شباب أصبحوا نجومًا وانضم إليهم عشرات وعشرات، فكلما مر يوم، ليس شهرًا أو عامًا، كان هناك وجه جديد على شاشة التليفزيون أو السينما أو المسرح تخرّج فى مدرسة خالد جلال، الذى أحمرّ وجهه الطفولى وأنا أسأله إن كان يرى فى نفسه صاحب مدرسة، فركّ “خالد” أصابعه الممتلئة وضحك بخجل، فهو يرى نفسه مؤثرًا فقط، ولا يستطيع الزعم بأنه صاحب مدرسة، هو يصل إلى النتائج التى يريدها من الممثلين بفنون قيادة امتلكها كموهبة إلهية جعلت أجيالًا من الموهوبين: “نضال الشافعى، بيومى فؤاد، على ربيع…” تعيد اكتشاف نفسها وتصل إلى النجومية بالعرق فى التدريب الذى تسبب فى كسر أنف إحدى بطلات عرض “الزائر”، وهو العرض الذى كانت «الدستور» تحتفل بنجاحه فى حضور أبطاله «أمجد الحجار، عبدالعزيز حسين، رشا مجدى، لانا بابى، غادة طلعت»، الذين أسعدونى بحضورهم الذهنى، حيث لم يتركهم رئيس التحرير د. محمد الباز فى حالهم كحاضرين مع مخرج عرضهم، لكنه فاجأهم بالسؤال عن رؤيتهم الخاصة فى أستاذهم ومدربهم ومخرجهم، وهو السؤال الذى جعلنى أعيد اكتشاف خالد جلال من خلال رؤية هؤلاء الشباب، الذين لم يكونوا يحتاجون شيئًا سوى تلك اليد التى امتدت واحتضنتهم وجعلتهم يصدقون أحلامهم ويؤمنون بالفن كثروة مصرية تحتاج ألف زهرة جديدة تنبت فى قرى مصر ونجوعها، ليس مهمًا أن تكون معجبًا بخالد جلال وتجربته، لكن الأهم أن تفرح بمن يستثمر فى البشر ويعيد اكتشافهم وميولهم، ويزرع زهرة بدلًا من القنبلة.. وهذا ما يسعى إليه خالد جلال الذى لا يهتم بتجربته الخاصة فى الإخراج ولا بتجربته فى كتابة السيناريو قدر اهتمامه بالتأثير فى أجيال الشباب وصناعة تلاميذ ومريدين للفن وله بالطبع ، فمن حقه أن يحلم بأستاذية خاصة فى المسرح .
الحلم
قد لا يتحمس كثيرون لتجربة خالد جلال فى مركز الإبداع ، وهذا حقهم،لكنه نموذج مدهش بالنسبة لى،فهو صاحب حلم سعى بكل طاقته لتحقيقه ،درس فى كلية التجارة وتخرج منها وكان قد صنع تجارب مسرحية وحصل على جوائز ، لكنه حلم المسرح الكبير كان يحتاج إلى دراسة أكاديمية ، فالتحق بالمعهد العالى للفنون المسرحية وواصل كفاحه وراء الحلم حتى حصل على منحة لدراسة الإخراج المسرحى فى إيطاليا ،وبعد عودته إلى مصر جاءت الفرصة الأكبر وتم اختياره مديرا لمسرح الشباب وكان عمره 28 عاما فلم يفرط فيها ونجح فى صناعة انتعاشة مسرحية ليصبح أصغر وأنشط مدير مسرح فى مصر ، وانطلق خالد جلال لتتحول قامته القصيرة إلى كتلة من الجهد ليصل إلى رئاسة مسرح الغد ،ثم البيت الفنى للفنون الشعبية والاستعراضية، وأخيرا تجربته المهمة فى مركز الإبداع ، وفى مصر عشرات من أشباه خالد جلال يستطيعون الآن،وليس غدًا،ترميم جسد المسرح المصرى، وإعادة البريق إلى مسرح قصور الثقافة، بقليل من السيولة بين قطاعات وزارة الثقافة نستطيع ذلك، وهناك بيننا عشرات يمكن الاستفادة من خبراتهم لإدارة منظومة مسرحية مصرية كتلك التى غامر بها سعد الدين وهبة فى الستينيات، وملأت أرض مصر بتجارب مسرح الطليعة والمائة كرسى، إلى جانب عروض المسرح القومى لكلاسيكيات المسرح والشعر والرواية.. ،ما زال أحمد عبدالرازق أبوالعلا بتجربته العريضة فى نوادى المسرح موجودًا، ما زال عصام السيد موجودًا، ما زال أشرف زكى وجرجس شكرى، وعشرات من أساتذة معهد الفنون المسرحية وتلاميذه، قادرين على تحقيق الحلم، ما زال ألف نهر يتدفق فى ربوع المحروسة، وما زلنا نحلم بالفن والمسرح مهما حاصرتنا جحافل الإرهاب والقتل من أعداء الحياة.
من كتاب ياجميل ياللي هنا
اقرأ أيضًا:
عرض الشهرة..ناظر المدرسة على خشبة المسرح
محمد أبو الغار.. من شبين الكوم إلى براح العالم
صلاح حافظ بين كامل الشناوى وشارلى شابلن