فى مصر تبدو التجانية الأقرب لجموع من سيدات ورجال يبحثون عن معنى روحى،بعضهم ربما يجرب لأول مرة، لكن الانطباع العام مريح للجميع حتى أولئك الذين يحضرون درسا واحدا، والحقيقة أن الطريقة التيجانية بحضورها وسط عدد غير قليل من صديقاتى وأصدقائى دفعتنى للبحث عنها ربما أحظى بنقطة نور من بحور متلاطمة تفيض جمالا وسلاما وأمان،وحال التجانية حال كل الطرق الصوفية فى تجلياتها الكبرى وبحثها عن شيخها وقطبها الأكبر صاحب المقام الذى يختم الله به الولاية المحمدية .
ويعرف أهل الطريق أن الأقطاب متفاوتون فى هذا المقام الذى يسميه البعض ( الكتمية) ، والذى أخفى الله حقيقته عن جميع الخلق ما عدا سيد الوجود صلى الله عليه وسلم، وهو المقام الأرفع الأخص الذى ليس فوقه من مقامات العارفين والصديقين إلا مقام الصحابة الكرام الذين ليس فوقهم في الفضيلة إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ،وأكملهم درجة هو من بلغ الرتبة العليا المسماه بختم المقامات، ولم يرتقه منهم إلا القليل لبعد مرامه، وأعلاهم هو الختم الأكبر الذى لا يتحقق إلا برؤية النبى صوات ربى وسلامه عليه فى اليقظة ، وسيدي أحمد التيجانى، قال إنه التقى بالنبى صلى الله عليه وسلم لقاءً حسيًّا ماديًّا وأنه كلمه مشافهة، وأنه تعلم من النبي صلاة “الفتح لما أغلق” ، صيغة هذه الصلاة: “اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق، والخاتم لما سبق، ناصر الحق بالحق، الهادي إلى صراطك المستقيم، وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم”.
وإن كانت مجمل الطرق الصوفية تقول بأن خاتم الولاية المحمدية ملكا لهم بشهادة الشهود ،وإن كانت المعارف تتنافس فى ذلك ،والأقوال تتضارب هنا وهناك ، إلا أن الشيخ حسين حسن الطمائى التجانى ـ غفر الله له ـ قدم كتابا صغيرا فى حجم الكف يقدم فيه الدلائل على أن القطب العارف بالله أبو العباس أحمد بن محمد ابن المختار ابن أحمد بن محمد سالم التيجانى، الشهير بسيدى أحمد التيجانى “1737 -1815″ ميلادية، المتصل نسبه ب الشريف الحسني بالإمام محمد بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن الإمام على والسيدة فاطمة الزهراء بنت النبى صلى الله عليه وسلم، هو خاتم للأقطاب المحمديين بيقين وبشهادة الشيخ محيى الدين ويقصد به ابن عربى ، وقبل أن يجمع المؤلف عشرات الأسانيد ،يشرح فى البداية مكانة سيد الخلق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، خاتم الأنبياء والمرسلين، ومعنى (خاتم الأنبياء ) أى أنه ذائق لمشرب كل نبى وكل رسول ممن تقدمه فهو جامع لجميع مشارب الأنبياء والمرسلين، ولهذا جاء مصدقا فيهم كلهم وأفصح عن مقاماتهم ومراتبهم وكُشف له عن احوالهم كلها وتنزلت أخبارهم على قلبه بما تلاه علينا من القرآن العظيم، فنبؤته أصل لجميع النبؤات والنبؤات فرع من نبوته: ” كنت نبيا وآدم بين الماء والطين”.
تصوير ضحى أشرف
ويسرد المؤلف حلم اليقظة الذى التقى فيه سيدى أحمد التجانى بخاتم الأنبياء لقاء مباشرا محسوسا فتحصل على خاتم الولاية ، ويقول:( و بذلك القدرالإلهى الذى لا مرد له وأعنى بالخاتم الأكبر سيدنا ومولانا ووسيلتنا إلى ربنا القطب المكتوم الخاتم المحمدى سيدنا ومولانا أحمد بن مولانا التجانى رضى الله عنه، إذ أثبت له هذا المقام غير واحد من الأعلام كالشيخ سيد إبراهيم الرياحى التونسي، وغيره من أكابر أهل الفتح من أصحابه: والناس أكيس من أن يمدحوا رجلا من غير أن يجدوا آثار إحسان).
ويقول المؤلف إن سيدى أحمد التجانى رضى الله عنه صرح بذلك فيما نقله عنه الثقات من اصحابه مثل مولاى أحمد الفلالى وغيره رضى الله عنهم جميعا، ومما يدلك على ذلك ما ثبت عنه في بعض كقوله :”منذ خلق الله الأرواح والروح الشريف صلى الله عليه وسلم يمد أرواح الأنبياء والرسل وروحى تمد الأقطاب والأولياء”، وكقوله: “كل الشيوخ أخذوا عنى من عصر الصحابة أي من انتهائه إلى النفخ في الصور”، وكقوله: “قدماى هاتان على رقبة كل ولى من لدن آدم إلى النفخ في الصور”،وكقوله: “أخبرني سيد الوجود صلى الله عليه وسلم، بأنى أنا القطب المكتوم منه إلى مشافهة يقظة لا مناما،ومن كلام سيدنا الصريح فى هذا المقام ما ثبت عنه أنه قال : منذ خلق الله الأرواح وروحي وروحه صلى الله عليه وسلم هكذا ،وفرق بين السبابة والوسطى، روحه صلى الله عليه وسلم، تمد أرواح الأنبياء والمرسلين وروحى تمد أرواح الأقطاب والعارفين أي مما تستفيضه من روحه صلى الله عليه وسلم، وقال: “لا يشرب (ولى) ولا يُسقى إلا من بحرنا ،وقال: “إن مقامنا عند الله فى الآخرة لا يصله أحد من الأولياء ولا يقاربه من كبر شأنه ولا من صغر شأنه وأن جميع الأولياء من عصر الصحابة إلى النفخ فى الصور ليس فيهم من يصل مقامنا”، وقال: “أنا سيد الأولياء كما كان صلى الله عليه وسلم سيد الأنبياء.
ويؤيد هذا ـ كما يقول المؤلف ـ إن مولانا أُبتلى بالإنكار عليه ولم يبتل بالإنكار عليه أحد مثل ما ابتلى به سيدنا رضى الله عنه، ويؤيده أيضا ما تقدم من أن له مقابلة فى الحقيقة المحمدية وما سمعنا أحدا كانت له مقابلة فى الحقيقة المحمدية مثل ما لسيدنا رضى الله عنه.
❤️❤️❤️