جاءت الألفية الثانية و”إبراهيم عيسى ” على هذه الحال من الغبن والغضب !، هو بطل الرواية الصحفية من ألفها إلى يائها ،كيف يصل به الأمر إلى هذه الحال ؟! تماسك البطل بعد إغلاق الدستور فى إصدارها الأول ،
وراح يعبر عن غضبه بمقالات متفرقة فى صحيفة ” الميدان ” وأحياناً فى أخبار الأدب ، كان يريد أن يصرخ فى الجميع ويدهس أفكارهم ويحطم رومانسيتهم ، وتلاقت رؤاه الجديدة مع “جمال حشمت” القيادى بجماعة الإخوان المسلمين وعضو مجلس الشعب الذى طالب بمصادرة الروايات الثلاث فى الأزمة الشهيرة التى تعرضت لها الثقافة المصرية عام 2001 والتى كان من نتائجها قيام وزير الثقافة فاروق حسنى بإقالة الناقد السينمائى ” على أبو شادى ” رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة ، وتنحية وإبعاد عدد من المثقفين والأدباء العاملين بإدارة النشر منهم الكاتب الكبير محمد البساطى رحمه الله ، والناقد المسرحى “أحمد عبد الرازق أبو العلا “والشاعر والقاص “محمد كشيك “، بسبب نشرهم روايات ” أبناء الخطأ الرومانسى” لياسر شعبان و”احلام محرمة” لمحمود حامد ،و”قبل وبعد” لتوفيق عبد الرحمن الذى سيموت مدهوساً فيما بعد .
المثقفون اعتبروا موقف الوزير انتكاسة كبرى واستسلاماً للإسلاميين،
ورفضوا خضوع فاورق حسنى المهين لجهلاء العصر الحديث ،وهددوا بمقاطعة معرض الكتاب الذى كان على الأبواب ،وتوالت بيانات الشجب التى تدين موقف الوزير ومؤيديه من موظفى الوزارة بقيادة ” التنويرى ” جابر عصفور ! ،وفجأة ظهر إبراهيم عيسى قادماً من الاحباط بشارب كث ليشن هجوما عنيفا على المثقفين وعلى بياناتهم ويمسح بهم الأرض لأنهم يشجعون الروايات القبيحة التى لا تناسب المجتمع الإسلامى (بطبعه) !! ، وكتب فى أخبار الأدب مقالاً بعنوان ” الأوطان لا تلدغ من جحر مرتين” وكان يقصد ما حدث فى أزمة ” وليمة لأعشاب البحر ” التى سبقت تلك الازمة وكيف يجب أن نتعلم منها عدم نشر الرويات التى تثير عضب الإسلاميين والمجتمع المصرى كله(!).
هاجم” عيسى ” المتشدقين بحرية التعبير والإبداع ووبخّ صديقه القديم ” على أبو شادى ” الذى سمح بنشر هذه الروايات بفلوس الدولة !،و انتصر لفاروق حسنى الذى قدم البلاغات بنفسه ضد الروايات ،!، والمقال فى مجمله انقلاباً على أفكار فرج فودة التى كان يتبناها عيسى ويمشى فى الشوارع محمياً من الداخلية لدفاعه عنها أوائل التسعينات .
حرب الفراولة
ماذا (كان ) يفعل مانويل جوزيه مدرب النادي الأهلي الشهير ؟ كان يقوم بتجريف الأندية وخطف لاعبيها، و أي لاعب يحرز هدفاً في مرمى الأهلى يتم ضمه فوراً إما لحرمان النادي منه أو لتعذيبه وعقابه بالجلوس على الدكة!، هكذا يعبر الزمالكاوية ـ وأنا منهم ـ عن حقدهم على الأحمر، وكثيراً ما كان يتمادى بعضهم ويطالب “عدلى القيعى” بالطواف في القرى والنجوع بحثا عن المواهب المصرية وتفعيل قطاع الناشئين .. بدلاً من الطواف حول أسوار الأندية وخطف لاعبيها!.
هكذا وجد إبراهيم عيسى الزمالكاوى نفسه محاصراً بأموال “صلاح دياب ” التى جعلته رأسا برأس مع مجدي الجلاد ..فهما رئيسا تحرير أهم صحيفتين يوميتين في مصرقبل ثورة يناير!، ووقف يصرخ فى 2009:
ـ صلاح دياب ينافسنا بأسلوب “الحلوانية “ الذي لا علاقة له بالـ “مهنية”
– المصرى اليوم انتزعت قسم “ الكاريكاتير “ بالكامل من الدستور في واقعة غير مسبوقة في تاريخ الصحافة المصرية
– المصري اليوم أخذت جلال عامر ب15 ألف جنيه في الشهر بعد تقديمه في الدستور ب 6 أسابيع).
كان الحوار الذى أجراه معه الزميل “اشرف شحاته“ لموقع “بر مصر” فى 16 مارس 2009 تعبيراً واختصاراً لحالة الصراع والتنافس وتجسيداً واضحاً لأوضاع المهنة قبل ثورة يناير ، كانت تلك هي المرة الأولى التي يفتح فيها “ عيسى “ نيران مدفعيته الثقيلة على صلاح دياب وصحيفته بعد أن قضى عام 2008 مكتفياً بالتلويح والغمز واللمز حول ” الفراولة ” الإسرائيلى وتورط رئيس مجلس إدارة المصرى اليوم فى التطبيع .
وإبراهيم عيسى زمالكاوى .. وصانع نجوم من طراز فريد، وشئت أم أبيت ،فان تاريخ المهنة سيقول إن إبراهيم عيسى هو الأب الشرعي للحيوية التي دبت في عروق الصحافة فجدد شبابها وقفز في منتصف التسعينات ليفتح نافذة “الدستور“ في إصدارها الأول التي تحولت مع الأيام إلى نهار كامل مشرق بمبدعين المهنة معلميها وأسطواتها الذين يملأون الساحة الآن ولسنوات مقبلة بعد انضمام فريق جديد في تجربة الإصدار الثاني.
تاريخ عريض لكاتب وروائي يجتهد في الإبداع والكتابة والبرامج، قد يكون الرتق قد اتسع على الراتق عندما قدم برنامج “حمرا” أوعندما تنقل بين فضائيات رجال الأعمال، لكنه ظل محافظا بقدر كبيرعلى موهبته معتزا بها ومستنداً إلى تاريخ في المهنة لا يستطيع أحد أن ينكره.
كان “عيسى” يفعل كل ذلك في وقت كان فيه الأستاذ “مجدي الجلاد” موجوداً في مكان ما على سطح الكرة الأرضية، ولا أملك معلومات محددة عنه، فلم أكن أقرأ له في صحفنا السيارة أو غير السيارة وربما لجهل منى ومن كل أصدقاء وزملاء المهنة الذين سألتهم عنه فلم أحصل سوى على معلومات تتلخص في أنه كان يعمل بالمملكة العربية السعودية كمراسل لمجلة الأهرام العربي التي كان يرأس تحريرها أسامة سرايا آنذاك , والبعض يحكى عن دور للكاتبة مجدي الجندي في تعيينه بالأهرام، لكن لا أحد يحكى عن مقالات أو كتابات أو خبطات، ربما يكون الأستاذ “مجدي” قصّر في حق نفسه وأعطى فرصة لكثيرين يتعجبون من اختياره رئيسا لتحرير صحيفة المصري اليوم خلفا لأنوار الهوارى.
……..
مقتطفات من كتاب (فودكا ـ دار مقام 2015!.
الغلاف للفنان سامح الكاشف