وأنتى شوفتيه بقى بيضحك ويتبسم يا ست عفاف ؟!، ظلت هذه العبارة تتردد فى مصر نقلاً عن الشيخ عبد الحميد كشك الذى اكتسح سوق الكاسيت فى مصر الثمانينات ومع صعود الجماعات الإسلامية وبداية التأسيس الثانى لجماعة حسن البنا ، ، ولم نكن ندرى وقتها أن الشخ الضرير خفيف الظل الذى يسخر من الفنانة عفاف راضى ومن الشاعر مرسى جميل عزيز فى أغنيتهما ” تبسم للنبى ” فى فيلم مولد يا دنيا إنما يسخر من مصريتنا وينتصر للجهامة والجلافة التى ترى أن الضحك حرام وأن النبى لا يمكن أن يكون قد ضحك فالضحك قلة أدب! ،
ومصر التى استقبلت الإسلام قادماً من الصحراء فأفاضت عليه من نيلها وخيراتها حتى شيّد أمبراطوريته هى التى رققت قلوب القادمين من العطش والجوع وفتحت لهم حدائقها فاستظلوا تحتها وحملوا خيراتها إلى باقى عواصم الخلافة فانتعشت خزائن المدينة وتعددت الفتوحات .. وظل المصريون الذين اعتنقوا الإسلام عن رضا وطيب نفس وغيرهم ممن اعتنقه خوفاً وطمعاً يرون النبى صلى الله عليه وسلم ضاحكاً بشوشاً متسامحاً وما ظهرت الفتن والجلافة وأساليب القتل والإرهاب إلا بعد موته صلى الله عليه وسلم .
وتواصلت الأجيال المصرية فى إيمانها بالإسلام على هذا النحو حتى جاء عبد الناصر بثورة يوليو فاتجهت البوصلة من “مصر ” إلى العروبة والإسلام ، وتم خدش الهوية المصرية بإضافات لم نكن فى حاجة إليها وسرعان ما تحول الخدش إلى جرح كبير فى عهد السادات وظل ينزف من عهد مبارك حتى اليوم .
تحولت ” نكتة ” الشيخ عبد الحميد كشك إلى أسلوب حياة وتفكير لدى قطاعات واسعة من المصريين وبدأوا يعيدون حساباتهم مع الضحك الذى يمثل وقود حياتهم وقوتهم فى تحمل الصعاب وأيقونتهم بين الشعوب،وتم دفن الضحك وتحته مئات الكتب التى تم تأليفها فى عهد الخلفاء عن النوادر والضحك والجنس أيضاً ،وسيطرت ثقافة الميكرفونات الإسلامية وبدأنا نستقبل وفود العائدين من دول الخليج بثقافة التجهم وآيات العذاب والجحيم والسروايل البيضاء ،وغطى الحجاب سماء مصر قبل أن تختفى هويتها خلف النقاب ، ولكن ظل المصريون يرسمون صورة النبى وهو يضحك ويبتسم وبينما المنابر تشتعل بالخطب النارية كانت جلسات المديح بطول مصر وعرضها تردد مع البوصيرى
سيد ضحكه التبسم والمشــــــي
الهُوَيْنى ونومه الإغفاء
رحمة كله و حزم و عزم
ووقار و عصمة و حياء
مولاى صل و سلم دائما أبدا
على حبيبك خير الخلق كلهم