طبعا لو قرأ الأستاذ عبد الباسط حمودة هذا العنوان فربما شخط شخطة بالراء وأخرى بالطاء !، زمن وجودى مين يا أبا الحاج ؟!، لكنها المصادفات التى صنعت هذا الخليط الثقافى ،فمنذ خمسة عشر عاما تقريبا كانت غنوة أنا مش عارفنى تعبيرا فلسفيا عن لحظة الصدمة بالشعر الأبيض والتجاعيد وهموم الزمن، وبعد السنوات العشر أطلق الحكمدار غنوته المدوية (أنت الكبير ) فالرجل الذى وجد نفسه كبر ،هو نفسه الرجل الذى أصبح هو الكبير الذى عليه أن يتحمل كل سخافات الصغار باعتباره الكبير الذى عودهم على حل مشاكلهم وعلاج أزماتهم وفك زنقتهم ، وها هو وقد كتم اللسان وراح يصرخ لنا ولنفسه :
بيقولولى أنت الكبير والكبير مايقولش آه
شيلونى حمول كتير لا إنحنيت ولا قولت آه.
الاختيارات المدهشة لهذا الفنان الكبير جعلته بالفعل كفيلسوف وجودى يبحث عمن يترجم مشاعره حين بلغ الأربعين ونظر فى المرآة فهى لحظة وجودية بامتياز ، فماذا قال الفلاسفة أكثر من ذلك عن الشعور بالذات فى وقت الصدمة بالزمن؟!،ولم يكن غريبا أن تتحول (أنا مش عارفنى) إلى إعصار فى 2007 اجتاح مواقف السيرفيس ودخل البيوت والأفراح وأطلّ من سيارات الزمالك واسكندرية وأسوان .
عبدالباسط حمودة، في 2007 كان قد تخطى الأربعين بعام واحد، ووقتها كان يفكر في أغنية جديدة تناسب أوجاع المرحلة، وطلب منه منتجه الحاج حنفي، الذهاب للشاعر أمل الطاير، ولما عرض عليه كلمات “أنا مش عارفني” توقع نجاحها وفي جلسة واحدة اشتراها ومعها أغنية “دمعتي”، وذهبت “أنا مش عارفني” للملحن وليد عبدالعظيم، ليبدأ في تلحينها، وفعلا خرج اللحن مماثلا للحالة التي اكتملت بتوزيع موسيقي مختلف وعصري لباسم منير وعمر فودة.
وقد تعبت بحثا عن اسم مؤلف أغنية (أنت الكبير ) ولم أجد سوى الشاعر هيثم عبد الشافى المهتم بالغناء الشعبى وطلبت منه بحكم عمومتى له أن يمدنى بالمعلومة، فقدم لى أكثر مما طلبت ولم يتكاسل على غير العادة!،وعرفت أن المؤلف هو رضا المصرى، وأن هناك علاقة طيبة تربط عبدالباسط حمودة بالملحن والموزع الموسيقي، طه الحكيم، وطه لحن ووزع مجموعة أغاني لعبد الباسط، منها “حسب الظروف، أنا عشت طيب، اللى يتكلم يتكلم “، وفي 2022، طلب منه “الحكيم” سماع تسجيل بسيط لأغنية جديدة من ألحانه وتوزيعه اسمها “أنت الكبير”، وتأثر بها عبدالباسط وبدأ يدندن مع اللحن: “بيقولولى أنت الكبير والكبير مايقولش آه.. شيلونى حمول كتير لا إنحنيت ولا قولت آه”، وبعدها عرف أن الأغنية كتبها الشاعر رضا المصري، وكان التعاون الأول بينهما.
اقرأ ايضًا: