لوحة دون كيشوت لبيكاسو
فى مثل هذه الأيام لم يولد دون كيشوت، وليس هناك أى مناسبة لاستضافته فى الخمارة إلا إكراما لحضرتك كقارىء لـ*فودكا* كى تتعرف على شخصية غير عادية أولا،وثانيا حتى لا ينجعص عليك مثقف ـ أو متثاقف ـ ويستعرض عضلاته باعتباره يعرف وأنت لا تعرف، وهذه فلسفة *فودكا* فى تبسيط روائع الأدب الخالدة ،وهى فلسفة مسروقة من شيخى حلمى مراد صاحب تجربة (كتابى ) مع بعض التطوير والتجديد فى اللغة والأسلوب والحذف واختيار القصص والحكايات والكتابات، فليس هناك شخص يسمى دون كيشوت لكنها شخصية ابتكرها المؤلف الإسبانى سرفانتس ،اسمه بالكامل صعب للغاية (ميجيل دى سرفانتس ) لذا نقول سرفانتس ونسهلها على بعض ، ومنذ تاليفها 1605 وحتى كتابة هذه السطور هناك أكثر من عشرين ألف عمل مسرحى وسينمائى وتشكيلى وتسجيلى مستوحى عن هذا العمل الخالد، والناس تحفظ اسم طواحين الهواء أو دون كيشوت أو سانشو بانزا لكن معظم هؤلاء الناس لا يعرفون اسم المؤلف الغلبان الذى لا تقل حياته سخرية وعبثا عن مغامرات بطل عمله الخالد والوحيد ،فقد عاش سرفانتس حياة بائسة ومات بعد أن أتم كتابه الخالد هذا بأقل من عام، وقبل أن يعيش كل هذا المجد الذى حققته.
قبل دون كيشوت، جرب سرفانتس كل أنواع وأشكال الكتابة وفشل فيهم جميعا فشلا ذريعا، بدأ المشوار بكتابة الشعر وقدم أكثر من 400 قصيدة لم يقرأ احد بيتا أو شطر، فكتب المسرحيات وفشل،وتقلبت حياته بين مغامرات غرامية فاشلة بالطبع حتى تزوج فتاة تصغره بعشرين عام تقريبا ولم تفشل علاقتهما فقط ، بل تحولت إلى كارثة لأن سرفانتس أنجب طفلا من سيدة آخرى!! وانكشفت علاقته السرية!، وعاش حياته كلها مطاردا بالديون والمشاكل وسوء الحظ لدرجة اتهامه بالسرقة ودخوله السجن ،فبعد الفشل الذريع فى كل شىء، ترك سرفانتس مجال الأدب وعمل كمحصل ضرائب وذات يوم اكتشف رؤساءه عجزا فى نسبه الإيراد فاتهموه بالاختلاس فاعتقل وحكم عليه بالسجن!، وفى الزنزانة بدأ يكتب فصول روايته العظيمة، وفى 1605 قدم سرفانتس إلى العالم قصة “دون كيشوت” الضاحكة، وبعد عشر سنوات من صدور الجزء الأول من “دون كيشوت” – أى في سنة 1615 – قدم سرفانتس للعالم الجزء الثانى من قصته عن سانشو بانزو، لكن حياته ظلت مع ذلك مريرة كالعهد بها، وبعد عام واحد من ذلك التاريخ مات المجنون الذى لا يقل جمالا عن بطل روايته الخالدة.
وليس هناك أجمل من الحاج دون كيشوت كى يسهر معنا فى الخمارة هذه الليلة ،فهو سكران تماما كما ترى أمامك،أخذته نشوة البطولة وشعر فجأة بأن عليه إصلاح الكوكب ومحاربة كل الأعداء الإنسانية، فجأة انتصب واقفا وقال أنا دون كيشوت العظيم.. منقذ البشرية
عظمة يا حاااج دون.. عظمممة .
شرب دون كيشوت كل مغامرات الأبطال السابقين وامتلأت مثانته بصورعظيمة،ورأى نفسه مرارا واحدا من هؤلاء المغامرين الكبار الذين صنعوا المجد، ولم لا؟ هكذا فكر دون كيشوت بقامته الطويلة وجسده النحيل ،وعرض الأمر على صديقيه الوحيدين فلم يتحمسا لما يقول،لكن دون كيشوت عكف على القصص وعشّشت الفكرة فى رأسه أكثر وهو يتأمل حوائط البيت،فها هى الخوذة القديمة معلقة وبجوارها رمح تقليدى مازال صالحا للطعن،ثم إن صناعة سيف فتّاك سواء كان من المعدن أو الخشب حتى ليس أمرا مستحيلا ، والملابس القديمة برونقها العسكرى موجودة ولا أحد يهتم بها، والحصان الذى يصهل كالرعد ويخوض غمار المعارك ليلا ونهارا وينزل النهر ويصعد الجبل موجود بحمد الله ، وإن كان الحصان المربوط فى الخارج لا يمتلك كل هذه الصفات الفتاكة نظرا لضعف شديد فى بدنه إلا أن الفارس المغوار (دون كيشوت.. منقذ البشرية ) يستطيع أن يجعله قويا وجامحا بشرط أن يرافقه شخص فى تلك المغامرات التى راح يتخيلها وهو يضرب بالسيف شمالا ويميناعلى صهوة حصانه هذا، وبينما الحال كذلك نظر دون كيشوت من النافذة فشاهد (شانسو) جاره السمين الطيب الذى لا يتوقف عن مناكفة زوجته الدميمة والقصيرة المدكوكة مثله، وبعين الفارس الخبير قرر دون كيشوت أن يكون هذا الساذج رفيق رحلته العظيمة، فهو لا يحتاج منه شيئا سوى تسجيل تلك المعارك التى سيخوضها الفارس الكبير الذى ارتدى خوذته وتهيأ لتنفيذ خطته ، لكنه وقف لحظة مع نفسه بعد أن تهيأ، وقال إن كل الفرسان العظماء كانوا يكتبون رسائل إلى زوجاتهم أو عشيقاتهم يحكون فيها عن تلك المغامرات فى الصحارى والجبال العالية وسط الذئاب المفترسة والوحوش الكاسرة ، إن الأمر يتطلب اتخاذ زوجة يكتب إليها ويخبرها بالأهوال .
هذا ملخص القصة وحياة كاتبها فى كأس معتق من فودكا، فإن راقت لك الكأس فيمكنك قضاء السهرة كاملة مع مغامرات دون كيشوت التى تم تعتيقها واعتصار خمرها فى 2000 كلمة تقريبا من 700 صفحة .
ڤوديكا
عنوان جاذب واخاذ ، راق لي وأحببته ،ثم إن هناك شيء ما يدعوني ويجذبني إليه من هنا اتابع ولأنك مبدع ولك برامج هادفة دائما ما اجد الجديد خاصةما نشرت اليوم عن دون كيشوت في خمار القط الاسود وأصارحك العمل جائني وهو لديه في مكتبتي لكن رايت مطالعته من هنا …..أرق التحايا والتقدير وطوق من الياسمين