ريم صالح
كثير من الكتب والأوراق التي سودت تحمل في طياتها جملا أصبحت مستهلكة من كثرة استخدامها حول كيف أن السينما في كل مجتمع هي مرآة لما يسود المجتمع من تفاعلات وتحولات. لكن هذا لن يثني عن استخدام نفس الاستعارات عن كتاب “السينما والمجتمع الايراني” للباحثة إسراء عصام الصادر عن دار “المحرر”. فالكتاب يتجول بك كقارئ ليجعلك تشاهد ليس تطور السينما الايرانية فقط؛ بل تطور المجتمع الإيراني.
يمثل الإهداء في حد ذاته؛ افتتاحا ينبئ عن الكاتبة وانحيازاتها؛ فجاء الإهداء (إلى كل شعب يناهض من أجل كرامة الانسان وحريته) بالتالي لم يفاجئني ما تناولته الكاتبة من قضايا هامة تهتم بالانسان أولا. يظهر هذا في عرض لكيفية تناولت السينما الإيرانية لسينما الطفل والمرأة؛ وتطور هذة القضايا وكيفية طرحها وفقا لتطور المجتمع الأيراني.
ففي جزء مخصص لسينما الطفل استعرضت الكاتبة الظروف المجتمعية التي مر ويمر بها الطفل الإيراني بسبب التحولات السياسية والتحول من نظام الشاه لنظام الملالي الديني وما فرضه من رقابة مشددة. أيضا عرض هذا الجزء أهم القضايا التي تناولتها سينما الطفل رغم الرقابة منها على سبيل المثال لا الحصر الحرب العراقية الإيرانية والفقر وزواج القاصرات، فسن الزواج قانونيا 13 عاما وهو ما لا يلتزم به حيث تزوج الفتيات في عمر ال9 سنوات. تخيل . كل هذا دفع السينما الإيرانية نحو الطفل وحقوقه بداخل مجتمعه الإيراني، واعتباره جزءً أصيلا من تجربتها الإنسانية الخالصة، وعرض هذه التجارب للعالم من خلال المهرجانات العالمية. لذا ظهرت أفلام مهمة مثل “دار الأيتام الإيراني” للمخرج أبو القاسم طالبي، وفيلم “باشو- الغريب الصغير” للمخرج بهرام بيضاني.
في الجزء الثاني الخاص بسينما المرأة لم يتم طرح قضايا المرأة الإيرانية فقط؛ بل في اشارة ذكية لفتت الكاتبة النظر للمفارقة التي وقع فيها نظام الشاه فيما يخص المرأة الإيرانية. فبالرغم من اتجاه نظام الشاه في سعيه نحو تحديث المجتمع الإيراني، واقراره لحقوق المرأة السياسية والبرلمانية؛ إلا أن الشاه نفسه رأيه عن المرأة الإيرانية كانت سلبية جدا. هذا ما ظهر في السينما من تهميش لأدوارها. وبالتالي عندما جاء نظام الملالي لم يجد صعوبة في المزيد من القمع والتهميش، ومثال ذلك فى السينما الإيرانية فيلم (سجن النساء) للمخرجة (منيجة حكمت) والذى حصل على الجائزة الأولى فى مهرجان فينسيا.
أما إذا كنت من محبي معرفة العادات والتقاليد والموروث الشعبي والخرافات ومشابهتها واختلافها عن العادات العربية والمصرية فأدعوك عزيزي القارئ لمطالعة الجزء الأخير من الكتاب الذي لم اتمنى انتهاءه.
السينما والمجتمع الايراني – إسراء عصام – المحرر