أتنفس من قدمي
أمشي منذ أعوام سحيقة
منذ ولدتني أمي وأنا أمشي
أقطع آلاف الكيلومترات
من أجل أن أقتنص لحظة سعادة واحدة
أو أتخلص من فكرة ملحة
كي أتذكر شيئا ما
أو أنسى أمرا مؤلما
كي أحزن
أو أندم
أو أخاف
حين ضربني أبي
مشيت طريقا طويلا
كان صعبا وموحشا
هناك في قريتنا البعيدة
وحين عدت في آخر الليل
لم يسألني أحد
لماذا قطعت كل هذه المسافات وحدك
حين رفضتني
البنت الوحيدة التي أحببتها
لم أبكِ
لم تسقط دموعي رغما عني
مشيت ما يقرب من ليلة كاملة
وعدت بقدمين متورمتين
وقلب ممزق
حين تتراكم علي الديون أمشي
وحين أنتظر شيئا ما أمشي
حين أحب أمشي بخطوات سريعة
كأنني أطير
وحين أخاف أمشي بخطوات متهالكة
وأقدام ثقيلة
حين تهجرني زوجتي أمشي
وحين
ينهرني مديري في العمل
وأعجز عن رد إساءته أمشي
أمشي بين المكاتب
وفي طرقات العمل
أمام المدرسين
والقضاة
وأئمة المساجد
وأعضاء المجالس النيابية
وكل النساء اللواتي أحببتهن وكرهنني
أنا المشاء العظيم
طيلة عمري وأنا أمشي
أمشي كثيرا
ولا أصل
…………………………
اللوحة للفنان حامد عويس
يمكنك أيضًا قراءة :
عزمي عبدالوهاب..حارس الفنار العجوز
منذر مصرى..شَيءٌ منكِ بقى على فمى
مصطفى على..أَحْتَاجُ إِلَى شَارِعٍ
وئام أبو شادى..شاعرة تحب كل يوم رجلا جديدا
قصيدة لمحمد الكاشف..هامش مهم من أمر متكرر