الرقص والزمار للفنان حامد ندا
فى مصر من شمالها إلى جنوبها وغربها وشرقها مجموعات ثقافية متناثرة هنا وهناك ، مجموعات تتلاقى وتتبادل أرقام التليفونات والدعوات للمهرجانات والندوات والمنتديات والصالونات واللقاءات المفتوحة والمقفولة فى دائرة تدور!. عشرون شخصا تقريبا يقومون بهذه المهام الشاقة فى دوائر الثقافة المصرية فتجد كتابات (هذا) يناقشها (ذاك) وإصدارات (ذاك) يتحدث عنها هذا ،ويكتشف (هذا) ، أن ذاك الذى تبادل معه أرقام التليفونات يمكنه أن يفعل كذا ووكذا كذا فى ذاك، خاصة أن (هذا ) لا يحب ذاك ولا يرحب به فى الدائرة التى تدور من شمال مصر إلى جنوبها وغربها وشرقها فى هذا الكأس المعتق من التدليس المباح الذى لاشبهة فيه ، أما لماذا هو مباح ولا شبهة فيه فذاك لأن هؤلاء الذين يمارسونه إنما يمارسونه كنوع من الحراك ـ بكسر الحاء كسرا قويا ـ الثقافى المتفاعل ـ بفتح الفاء على آخرها ـ الذى يدور فى الدائرة،فهو ليس تدليسا ولا حاجة ف(هذا) الذى كتب عنه (ذاك) كاتب ملموس وليس مجرد .
لا أعرف إن كان لديك وقت لتدور معى قليلا فى الدائرة ، أم أنك مشغول باسماء كل هؤلاء الذين يمثلون (هذا وذاك) ؟، عموما يا صديقتى الكاتبة وياصديقى الكاتب عليك أن تعرف أن الدائرة ليست مغلقة على العشرين شخص فقط ،فهم مجرد متاريس مدقوقة فى أقليم ثقافة بعيد ـ مثلا ـ يستحوذ عليه كاتب لا يخلو من الموهبة بالفعل ، لكنه ينشر لنفسه ـ لنفسه ـ الشعر والقصة والمسرح والمنوعات للأطفال أيضا ويكتشف فى نفسه قدرات لم يكن يتصورها قبل أن يدله (ذاك) على هذا المسلك ، وستجد ترساً مدقوقا آخر فى صحيفة ثقافية يتلقى من باقى المتروسين قائمة أعمال أبناء الدائرة فيعطى هذا مساحة للكتابة عن ذاك بحيث تلف الدائرة بانتظام بين كل هذا وكل ذاك ، وإن أجهدت عينك قليلا ستجد ترسا جديدا مدقوقا فى هيئة الكتاب وباقى دور النشر فليس كل ما ينشر يصلح لدخول الدائرة وليس كل كاتب يمكنه أن يصبح كاتبا وهو كافر بالدائرة أو رافض لوجود بعضها ،فى وزارة الثقافة ستجد عشرات المتاريس الدقوقة حديثا بمذاق القديم لتسليك دخول أبناء الدائرة التى تلف إلى الطيارات والسفريات والجوائز والكل كليلة، ولا أقصد تكدير صفوك وتصدير حالة بؤس ثقافى والعياذ بالله ، لكننى أنصحك بالبحث الجاد عن دائرة من الدوائر التى تنقلك من دائرة إلى آخرى بأريحية، أو تبقى هكذا مشردا على صفحة فيس بوك بتاعتك تنشر لنفسك يا ولداه!،وتصفق لنفسك يا ولداه!وتعلق لنفسك يا ولداه ، وأقول لك يا (ولداه) لأنك أفضل حالا من كاتب كبير وموهوب ومعترف به فى كل عواصم العالم العربية وغير العربية ومازال ينشر لنفسه يا ولداه ،ويصفق لنفسه يا ولداه ولك أن تتخيل يا ولداه بالنسبة لك ومعادلها لكاتب يصور نفسه ويصفق لنفسه وهو يحصل على جائزة عربية كبيرة فى القصة مثلا!! ، أوينشر لنفسه ويصفق لنفسه وهو يوقع عقود ترجمات لأعماله ، أقسم لك يا صديقى رأيت طارق إمام يفعل ذلك!، وضربت كفا بكف عشرات المرات لدرجة أننى تصورت أن طارق إمام يكذب ويدعى أنه كان ضيف شرف أحد معارض الكتاب العربية ، أو كان يوقع أعماله فى دبى والشارقة وبغداد ،أو أن دار كذا قامت بترجمة عمل من أعماله .. فأنا أتابع الإصدارات الثقافية فى مصر قدر الإمكان ولم يصادفنى احتفاء بكل ما يدعى طارق على صفحته،وبدأت أتعامل مع طارق باعتباره مجنون!، ماهذا يارب العالمين ؟،سألت وعرفت أن طارق ليس فى دائرة من الدوائر فى الوقت الحالى على الأقل ، بمعنى أنه ملفوظ بقرارات الداوئر التى تتلاقى وتتبادل أرقام التليفونات والدعوات والحركات ، وكنت أظنه مغروسا فى تلك الدوائر حتى اكتشفت أنه يا ولداه مثل كثيرين ، بلاش طارق ، عند حضرتك شك فى موهبة أحمد مراد .. أكيد عندك ، بس هو كاتب كبير وعنده جماهيرية عريضة لكنه يا ولداه أيضا ، ولا تتعجب فقد كان مراد مفاجأة للدوائر كلها ، شاب قادم من عالم التصوير الاحترافى إلى الكتابة ، أصدر عملا والثانى والثالث وأصبح نجما موهوبا لكنه ليس منظما فى الدوائر ، فساعدته الجماهيرية على تدوير الدوائر نفسها فى دائرته لكنه فعلها بنفسه حتى أصبح اسما كبيرا مهما بقيت بقايا الدوائر تلعن حظها وتستكثر عليه ما صنعه بنفسه لنفسه، ولا تظن أن عمر طاهر مثلا بكل حجم موهبته وانتشاره كان للدوائر فضل عليه!، لفظوه كثيرا ، وأعرف رؤساء ومدراء تحرير ونبطشية ورديات لا يطيقون اسمه ويحذفون كل كلمة عنه!،عشرات كسروا الدوائر الصغيرة والكبيرة وتركوا (هذا ) يناكح (ذاك ) فى الحظيرة الممتدة من شمالها إلى جنوبها ،وتلك مجرد إشارات صغيرة ننعش بها الذاكرة كى تستعد لما هو قادم من انتعاش بطعم الفودكا .
استخدام المزج بين الفصحى والعامية بكل رشاقة
أسلوب ساخر بلا ابتذال