في عام 1992، كانت “ماجدة خيرالله” قد انتهت من كتابة فيلمها “الستات”، وبدأت الجلسات الأولية مع المخرج مدحت السباعي، لاختيار أبطال العمل وانطلاق التصوير، وتوافقا على نجوم الفيلم “محمود ياسين، فيفي عبده، إيمان، وهالة صدقي”، وتحمس المنتج للفكرة، ووضع هاني شنودة الموسيقى التصويرية للفيلم، وخرجت أولى المشاهد في مكتب عزمي أبو العزم (محمود ياسين)، رئيس قسم التحقيقات، والصحفي الجاد الذي لا يقبل المجاملات ويصطدم بشكل متكرر مع رئيس التحرير، لكن تشاء الظروف ويتولى “عزمي” رئاسة تحرير الجريدة.
وبين انشغال “عزمي” بما ينفع القارئ وهموم الغلابة والفقراء، تظهر صديقته وزميلة الدراسة “شكرية” التي لعبت دورها فيفي عبده، وكانت الزيارة الأولى في مكتبه بالجريدة، وهناك اشتكت مر الغيرة وما تعيشه من عذاب مع زوج لا ينشغل إلا بالكاراتيه وجمع الميداليات الذهبية، وفي نفس الجلسة تدعوه لحضور عيد ميلادها وسط تجمع كبير من الأصدقاء القدامى، فيوافق “عزمي” ويبدأ في التفكير لاختيار الهدية المناسبة ويستقر على كتاب “نهاية الأرب في فنون الأدب”، لشهاب الدين النويري، وفي الموعد لف الكتاب في “لفة هدايا” وأصرت “شكرية” على فتح الهدية أمامه لتندهش: “يووه أدب!!!، أنت شايفني ناقصة أدب؟”.
حين بدأ “النويري” تأليف موسوعته الشهيرة التي وصلت إلى 33 مجلد، كان هدفه الأول توثيق التراث العربي “أدبا وتاريخا”، وما وصلت إليه الحضارة في الممالك الإسلامية واشتملت عليه من قيم وفضائل، كما ساق فيه “النويري” الآيات القرآنية والأحاديث والأشعار القديمة والخطب والأمثال العربية وحكم العلماء والملوك والخلفاء، وذكر الكثير من أسماء الكتب والعلماء والشعراء والأدباء، ورغم أن الموسوعة فقدت لفترة طويلة إلا أن الفضل في عودتها مرة أخري للقارئ يرجع إلى أحمد زكي باشا، أحد رواد إحياء التراث العربي الإسلامي، الذى عثر على نسخة منها في مكتبات الأستانة.
وتضم الموسوعة في الجزء الثالث من المختصرالذى أعده وقدمه مرزوق على إبراهيم، تاريخ الخلفاء العباسيين والحوادث التي كانت في أيامهم، وكذلك عودة أخبار الدولة الأموية في قرطبة، وينتقل المختصر بعد ذلك إلى تاريخ المغرب العربي وأخبار ملوك مصر بداية من العصر الطولوني حتي دخول الملك العادل الأيوبي القاهرة، وكذا عهد الظاهر بيبرس وتاريخ الحروب الصليبية والدولة الأيوبية وقيام دولة المماليك وغزو التتار وموقعة عين جالوت.
ومن أخبار الملك الناصر صلاح الدين يوسف ابن الملك الأفضل نجم الدين أيوب، يذكر النويري: “في سنة 566، أمر الملك الناصر بهدم دار المعونة “دار الاعتقال” وأمر ببنائها مدرسة لطائفة الفقهاء الشافعية، كما عمر دار الغزل المجاور لباب الجامع المعروف بباب الزكختة مدرسة للطائفة المالكية، واشترى الدار المعروفة بمنازل العز وبناها مدرسة للشافعية، وفي سنة 569 أمر بعمارة قلعة الجبل والسور الدائر على القاهرة”.
وحول ما ثبت عن أحمد بن طولون أورد في المختصر: “كان عادلا شجاعا، كريما متواضعا، حسن السيرة يباشر الأمور بنفسه ويتفقد رعاياه ويحب أهل الدين والعلم ويدنى مجالسهم، وكانت صدقاته في كل شهر ألف دينار”.