عندما ظهر فيلم البرىء كان المدهش هو اختلاف النقاد حول رقم الزنزانة وهل هو 68 أو 86 باعتبار أن وحيد حامد إن كان يقصد الأولى فهو يدين عهد عبد الناصر، فى حين كان وحيد حامد يتحدث فى قضية أكبر من رمزية الرقم ، وفى معرض للفنان التشكيلى صلاح عنانى ظهر شاب مثقف بالكوفية الفلسطينة حول عنقه وبكتب تحت إبطه ونظارة طبية سميكة وتمعن فى إحدى اللوحات تمعنا كبيرا ثم توجه إلى صلاح عنانى وسأله حضرتك تقصد إيه بالقهوة فى اللوحة ؟!، فقال صلاح :أقصد القهوة طبعا!، ولم يصدق الشاب أن يكون الموضوع التشكيلى سهلا على هذا النحو!، وفى أتيليه القاهرة وأثناء مناقشة (أطفال بلا دموع) لعلاء الديب قال أحد النقاد إن عرف الديك الأحمر يدل على الانتماء السياسى للكاتب، الطريف أن أحد الحضور سأل الناقد بعفوية: وهل هناك عرف ديك اخضر؟!
وبما إن أحمد فؤاد نجم هو الفاجومى ذات نفسه فقد سألته شابة متثاقفة عما يقصده بكلمة (الاسكندرية) فى قصيدته الغنائية التى تحمل الاسم نفسه والتى غناها محمد منير، فرد نجم سريعا: أقصد بورسعيد.. ياحبيبتي!
وأنا منذ تشجيعى لنادى الزمالك انتظر مجىء صاحب هذا المقال الساخر الجميل الذى جعلنى أعرف اسم (عمرو خفاجى) مبكراً، كنّا فى التسعينات وروزااليوسف تحلق بعيدا واسماء لامعة تظهر وتظل عالقة بالأذهان، واحتل عمرو خفاجى بهذا المقال الذى احتفظت به بين أوراقى وتنقل معى من دوسيه لدرج ومن بدورم لشقة مكانا فى قلبى وعقلى، وفى المرات القليلة جدا التى التقيت فيها عمرو بصحبة أكرم القصاص وسيد محمود فى ضيافة الصديق المثقف جدا محمد سلطان كنت أخجل من الاعتراف بحبى لهذا المقال لشبهة تدليس فى جلسة أصدقاء لا يجوز فيها ذلك ، ولكل أن تتخيل أن يتحقق الحلم ويأتى عمرو خفاجى بعد كل هذه السنوات من الحب الصامت ليدير المنظومة الإعلامية فى فريق الأحلام، وهذا أمر لا يخصك كأهلاوى بالطبع، لكنه يشغلنا نحن مشجعى الزمالك من الصحفيين والإعلاميين الذين يعرفون إمكانيات إعلامى وكاتب فى قامة عمرو خفاجى، ونعرف كيف يمكن أن تستعيد الصورة الإعلامية بياضها الناصع وجمالها الآخاذ لو جاء عمرو خفاجى، وظل الحلم مجرد أمنية تراود صديقاتى وأصدقائى فى المهنة ، فكثير منّا يعرف أن عمرو من كبار مشجعى الزمالك وكثير منّا يعرف كبرياءه ورفضه الدخول فى منظومة كتلك التى ظلت سنوات، وجميعنا يعرف مدى اتساع رؤيته الإعلامية بعد خبرات واسعة وسنوات ممتدة فى العمل الإعلامى وإنجازات وبصمات كبيرة بدأت من عام 2000 ، ولكن ما علاقة شيكابالا ومذكراته بهذه الحكاية، أقول لك : منذ بدأت العمل على إطلاق موقع (فودكا) وكل ليلة أحلم بحصولى على مذكرات شيكابالا!، وظل الحلم يراودنى ويتكرر حتى نصحنى الأطباء وعلماء النفس بتوسيط الكاتب الكبير عمرو خفاجى لتحقيق الحلم، لكننى قلت :لا أريد أن أكون أنانيا، وسأقترح على كاتبنا الكبير جمع مذكرات أكبر قدر من لاعبى النادى أصحاب البصمات والمسيرة التى تستحق، ولست أعلم منه بتاريخ الكبار فى نادى الزمالك ممن يستحقون نشر مذكراتهم تحت إشراف كاتب وإعلامى كبير يمكنه أن يغذى المكتبة المصرية والعربية بكنوز من هذه المذكرات، والحقيقة أن محبتى لعمرو خفاجى تجعلنى أتعشم فى هذا الحلم، خاصة وأننى بالفعل أتعجب من غياب ثقافة المذكرات فى ملاعب كرة القدم رغم ضمان رواجها ونجاحها، وكان من حسن حظى أن عملت مع مجموعة كبيرة من الكبار فى مجال الرياضة، ولاحظت أن معظمهم يميل إلى الأدب والفنون ويقرأ الكتب والروايات ويحرص على متابعة الجديد فى الرواية والشعر بصورة تفوق عشرات المرات اهتمام محررى الثقافة والفن، كان إبراهيم المنيسى مثلا لا يفوت رواية للطيب صالح، وكان الكاتب الكبير سعيد وهبة يقرأ نجيب محفوظ وماركيز ويتحدانى فى اقتناء الكتب ، ومازلت أذكر كيف كنت أتعلم من ياسر أيوب الدأب على قراءة الفلسفة وعلم النفس، وكان عم الشغلانة الكاتب الكبير جمال العاصى واحداً من نجوم جلسات أحمد فؤاد نجم وصديقا مقربا من معظم أدباء مصر الشباب والكبار، ويمتلك أشرف محمود ثقافة واسعة باللغة العربية ومعاجمها، وكان الناقد الرياضى الكبير محمد سيف أول من قرأ مجموعتى القصصية الأولى وتحدث معى فى تفاصيل أذهلتنى وقتها، وكل هؤلاء وغيرهم ممن لا تسعفنى الذاكرة باسمائهم يمتلكون الموهبة الأدبية الكبيرة وكل هؤلاء بفضل الله هم الأكثر وعيا بأهمية وجود مذكرات مكتوبة بشكل جيد لكل نجوم كرة القدم عبر تاريخها، إبراهيم المنيسى مثلا يمكنه تقديم مذكرات محمود الخطيب وعبد العزيز عبد الشافى وباقى نجوم الأهلى الكبار ، وكذلك يمكن لكل صاحب اسم من هؤلاء أن يهدى لنا مذكرات لاعب مؤثر فى تاريخ كرة القدم، وكل ذلك على شرف شيكابالا وعمرو خفاجى وفى صحة فودكا ومحبى الجمال فى الفن والثقافة والرياضة.