لا أعرف لماذا انتفض قلبى فرحة وسعادة وأنا أراها تقف صلبة قوية بجمالها ودلالها وفنونها التى غابت عنى طويلا، كنت فى حالة حنين غريب إلى السيدة نضال الأشقر التى أسعدنى زمانى بلقائها مرة واحدة فى حياتى.
فى بغداد وقريبا جدا من المكان الذى وقفت فيه بلقيس الرواى أجمل نخلات العراق كما وصفها زوجها وحبيبها نزار قبانى، وقفت الفنانة الكبيرة نضال الأشقر لتجدد الأحلام القديمة يوم أن كانت مسارح بيروت ودمشق والقاهرة تصنع المجد المسرحى العربى وكان الجمهور العربى على موعد سنوى على أقل تقدير ليلتقى بروائع سعد الله ونوس التى حرصت نضال على تقديمها.
وقفت نضال التى حملت الكثير من اسمها لتلقى كلمة مهرجان المسرح العربى فى دورته الرابعة عشر التى استضافتها العراق واختتمت عروضها 18 يناير الماضى برسالة المسرح العربى التى اعتاد المهرجان أن يختار قامة مسرحية عربية لإلقائها كل عام،فقد سبق واختر سميحة أيوب من مصر وعز الدين مدنى من تونس وسعاد عبد الله من الكويت ويوسف العانى من العراق.
نضال التى قدمت أشعار محمود درويش وأنسى الحاج ونزار قبانى فى عرض مسرحى،حرصت على أن تكون رسالتها فى يوم المسرح ومهرجانه قصيدة بليغة فى رثاء الزمن الذى كان قبل أن تنفث الصهيونية سمومها وتندلع الحرب الأهلية ونعتاد الرصاص والدخان والدم ، حين كانت بيروت مسرحا كبيرا لأحلام الشعراء والروائئين والرسامين والمخرجين العرب مثلما كانت القاهرة وبغداد ومعزظم العواصم العربية، تحدثت نضال عن تجربتها المبكرة فى محترف بيروت مع روجيه عساف وعن تاسيسها لمسرح المدينة، وتجربتها فى تشكيل كيان عربى للممثلين العرب.
ظهور نضال كان مفرحا وداعب أحلام شبابى وصبايا، وأعادنى إلى زمن القيمة والإبداع وتعجبت من ناقد فى حجم وقيمة طارق الشناوى حين ترك كل مشوار نضال الأشقر وتجاربها وراح يروج لقصة بائسة عن علاقة مخابراتية بين عمر الشريف ونضال الأشقر، وكيف تم تجنيد الفنان عمر الشريف لاستدراج نضال الأشقر لمعرفة معلومات عن مكان اختفاء والدها ، وهى القصة التى رفضها الناقد السينمائى الكبير سمير فريد وقال إن هناك شائعات، وليس هناك دليل عليها، ثم إن نضال الأشقر المولودة فى 1934 لم تكن طفلة مراهقة كى يستدرجها عمر الشريف الذى لا يكبرها سوى بعامين فهو من مواليد 1932، صحيح أن نضال شخصيا تحمل من اسمها الكثير إذ انضمت مبكرا إلى الحزب القومى، وصحيح أن والدها كان مناضلا كبير، وكثير من جوانب القصة تصلح لسيناريو فاسد كالذى روج له الناقد الكبير طارق الشناوى كما روج له الدكتور مصطفى الفقى، لكن المنطق أقوى من خيال وأسطورية القصص.