صديقتى العجوزة .. صديقى العجوز :
القصة تبدأ من “صاحبة السعادة” السيدة إسعاد يونس، التي تحولت من مجرد ممثلة تمتلك روحًا كوميدية وثقافة رفيعة إلى سيدة مجتمع.
كنّا في نهاية التسعينيات من القرن العشرين آنذاك، والعواجيز في مهنة الصحافة من جيلي ونازل يعرفون جانبًا من أسرار هذا التحول في شخصيتها، فقد تزوجت إسعاد من الملياردير الأردني علاء الخواجة، وبأمواله الكثيرة قررت دخول عالم البيزنس، ربما كانت
مجرد فكرة عابرة، وربما كانت تسعى لتحقيق أحلام سينمائية، ولكن بعد زواج “الخواجة” من الفنانة “شيريهان” تحولت الفكرة إلى واقع أكثر احترافية وتولت إسعاد رئاسة مجلس إدارة “الشركة العربية للإنتاج والتوزيع السينمائي” لتفش غلها وغليلها وتشغل نفسها ووقتها بعد الفراغ الذي تركه الخواجة.. ربما، فأنا عجوز أحدثكم عن أواخر التسعينيات وبداية الألفية الجديدة التي شهدت ظهور علاء الخواجة بشركة “فنون” القابضة وإدارة السيدة إسعاد يونس، وهي الشركة التي أقامت مصر ولم تقعدها عام 2004 عندما أقدمت على بيع “800” فيلم مصري لرجل الأعمال السعودي الوليد بن طلال، وهاجت الدنيا وقتها وخصصت الصحف ملفات عن ضياع تراث السينما المصرية.
س ـ هل تعرف معلومات عن الوليد بن طلال ؟
وقال الناقد الفنى طارق الشناوي ـوقتهاـ إن صفقة البيع جعلت ثلث إنتاج السينما المصرية في قبضة الوليد بن طلال والثلث الثاني في قبضة الشيخ صالح كامل، واعتبرها الروائي الراحل جمال الغيطانى صفقة لتدمير التراث المصري، وأفاض الراحل في توضيح معنى المقتنيات الفنية والسينمائية وكيف تحافظ الدول على تراثها، وامتلأت الصحف بقصص وحكايات عن المال الخليجي الذي يلتهم السينما المصرية، وجفت الأقلام وساد صمت، بينما لم يتوقف صوت الدكتور محمد كامل القليوبي، الذى كان وسط كل هذه الحرائق يقاوم صفقة البيع أربع سنوات متتالية، هي فترة إدارته المركز القومي للسينما، وشوية شوية هدأت المعركة ووجدت شركة “فنون” مَن يدافع عنها وعن حقها في بيع تراث السينما المصرية، واستمالت أقلامًا واستأجرت سينمائيين صغارًا وكبارًا، وجرت الصفقة وخمدت النار، وهدأت الحملات الصحفية بالهدايا والدعوات والسلامات والسفريات، وباع مَن باع واشترى مَن اشترى.
ملامح صاحبة السعادة .. فى النسخة الأخيرة
دارت الأيام وجاءت ثورة وبعدها «ثورة» ثانية، وعادت السيدة إسعاد يونس لتملأ الشاشات وتكتب المقالات في الصحف!، وهذا عظيم، فهي تمتلك ثقافة واسعة وتربت في بيت دافئ بالفنون، وهذا ما جعلها قريبة من المثقفين قبل الفنانين واكتسبت خبرات واسعة بعملها مع سيد مكاوي، الذي قدمت معه ألبوم عزت الألاتاوي وشاركته غناء رائعة بديع خيري وسيد درويش (على قد الليل ما يطوّل)، فامتلكت مبكرًا مواهب متعددة في الغناء والتمثيل، ولعل شخصية “فوزية البرجوازية” التي قدمتها عن قصة الكاتب الساخر الكبير أحمد رجب تؤكد أنها ليست مجردة ممثلة أتقنت دورها، بل هي فتاة مثقفة بالفعل، وعايشت نماذج مماثلة للشخصية التي قدمتها باقتدار أمام الفنان الكبير صلاح السعدني، الذي تربى هو الآخر في مدرسة محمود السعدني الفكرية.
ـ س: ما هو اسم إسعاد يونس فى مسلس بكيزة وزغلول ؟
المهم أن السيدة إسعاد قطعت كل هذه الخيوط التي كانت تصل بينها وبين عالم المثقفين من الشعراء والأدباء والفنانين مطلع الألفية حين دخلت عالم البيزنس الفني الكبير ومن أوسع الأبواب، وجرى ما جرى مما حكيناه سابقًا وجاءت ثورة يناير وبعدها ثورة 30 يونيو، وعادت إلينا السيدة إسعاد وقد أصبحت أكثر نضجًا وتوهجًا وموهبة وحضورًا وثقافة بالطبع، وتجلّى كل ذلك في كتابة
المقالات أولًا ثم في برنامجها الكبير الذي أعتبره واحدًا من أكثر البرامج التي ستعيش طويلًا وتتداولها الأجيال، فقد نجح فريق عمل من الموهوبين الشباب (الذين قد لا يهتمون قليلًا ولا كثيرًا بحواديت الاحتكار وتراث مصر الفني وقد لا يعرفون تفاصيل القصة) في ضخ دماء جديدة في شرايين إسعاد يونس لتصبح أكثر بياضًا وتحظى بوجاهة وتثير إعجاب العائلات في البيوت وتغازل الوجدان والشجن بعصير القصب والسوبيا والبلح!
ونجحت مؤخرًا في تقديم عدد كبير من المواهب المصرية الشابة وبدأت تتعامل باعتبارها صاحبة دور تنويري وتثقيفي، وهذا حسنٌ وعظيم، بقي لها أن تحكي قصة بيع تراث السينما المصرية بجرأتها المعهودة، فقد أكون مخطئًا في معلوماتي.. وربما كانت بريئة مما جرى للقليوبي، وقد لا يحدث أي شيء.. المهم أنني قلت لك القصة ومن حقها أن تصححها أو تفعل ما تشاء، فهى في الأول والآخر صاحبة السعادة، متَّعها الله بالصحة والقوة والحيوية.
شهادة حق